الأمم والدول تقاس أزمانها بالمراحل التي تمر بها، والمملكة العربية السعودية التي يمتد تاريخها طويلاً منذ إقامة الدولة السعودية الأولى نتاج الحركة الإصلاحية التي اضطلع بها الأمير محمد بن سعود آل سعود والشيخ محمد بن عبدالوهاب.
تلك بدايات المرحلة السعودية التي أخذت تتسامق حتى وصلت إلى ما هي عليه الآن رغم حالات التراجع وحتى الانهيار التي حصلت للدولة السعودية الأولى ثم الثانية، وها نحن نعيش مراحل الدولة السعودية الثالثة التي تشهد والحمد لله تصاعداً في البناء التنموي والتطور الحضاري مع ازدياد مساحات التقدير والاحترام الدوليين.
دولة سامقة، فتية يتجدد عطاؤها وتطورها، وإذا كانت المئة سنة الأولى قد استثمرها قادتها في تعزيز ركائز الدولة وتعزيز تلاحم أبناء الوطن، وهي مرحلة مهمة في تاريخ الدول لأن مراحل التأسيس تنبئ عن هذه الدولة أو تلك، ولقد أحسن وأجاد الملك عبدالعزيز وأبناؤه في إنجاز هذه المرحلة فجاء التأسيس قوياً، والقاعدة صلبة، تشهد كل مرحلة من مراحل الدولة السعودية الثالثة إضافة تعلو من البناء الذي ظل يعلو ويتواصل حتى بلغ أوجه في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي شهد منجزات تنموية عمّت مختلف قطاعات الدولة ورفاهية وحياة كريمة للمواطنين مع تميز دور المملكة في المحافل الدولية.
وبصدق فإن عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي استمر خمسة أعوام ويتطلع المواطنون إلى أعوام أكثر إن شاء الله، شهد تطورات مذهلة يمكن وصفها بأنها قفزات فكرية وحضارية، إضافة إلى ما تجسد من ثقافة تنموية وفلسفة حضارية شكلت نهجاً اتسم به عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز، فبالإضافة إلى تعميم ثقافة الانفتاح والحوار وتطوير الأنظمة وإطلاق مؤسسات ثقافية وفكرية مما أوجد حالة جديدة بدأت تأخذ مداها في السلوك الإنساني السعودي.
إضافة إلى ذلك انتهج الملك عبدالله بن عبدالعزيز أسلوب التغيير البنيوي واستحداث الإنشاء الكمي لنوعية محددة في الأنشطة الضرورية لحياة الإنسان فمزج بين الخيار النوعي والكمي وهو ما تمثل في إنشاء وإقامة المدن الاقتصادية والعلمية والتعليمية والطبية، لتزدهر في عهده حقول العلم والتعليم والصحة والاقتصاد. وهذا ما يجعل عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز.. عهداً يشكل مرحلة بنيوية في مسيرة الدولة السعودية التي تزداد تألقاً وفتوة.
jaser@al-jazirah.com.sa