لم يعد خافياً على أحد بأن القضية الفلسطينية أصبحت مدعاة للادعاء بأنها القضية الأساسية لذلك النظام أو تلك الدولة، وأن زعيم البلد الذي يرفع (قميص القضية الفلسطينية) هو الأكثر شعوراً بأحسايس الفلسطينيين، وأنه صلاح الدين المنتظر الذي سيدخل القدس مُحرِّراً لها.
لا شك بأن القضية الفلسطينية ليست فقط قضية الفلسطينيين، وأيضاً ليست القضية المركزية للعرب وحدهم، فللمسلمين أيضاً نصيب وافر، كما أن للأسرة الدولية اهتماماتها ومسؤولياتها لأنها قضية إنسانية بكل ما تحوي هذه الكلمة من مضامين ومعانٍ. هذا مفهوم ومتفق عليه، ولكن لا يعني سلب الفلسطينيين حقهم في أن يقرروا مصيرهم، وأن لا يتسلط عليهم أحد باسم القومية أو الدين لغرض ما يخدم مصالح الآخرين على حساب الفلسطينيين وقضيتهم.
بعد نجاح الثورة الفلسطينية في منتصف الستينيات، ما أن انقضى عقدها وحل العقد الثامن من القرن الماضي، حتى أصبح لكل نظام عربي دكان في جسم الثورة الفلسطينية!!
اليوم وبعد أن استطاع المناضلون من أجل الحرية وكرامة الإنسان، ومن توليفة متنوعة من جنسيات وأديان وقوميات مختلفة، أن يعرُّوا الكيان الإسرائيلي ومن يدعمه ويتعامل معه، ومع ظهور (بصيص) من عودة الاهتمام الدولي للقضية الفلسطينية عبر موضوع حصار غزة، هنا تحركت الأنظمة والمصالح الإقليمية لاستثمار الوضع المأساوي لأهل فلسطين، لتسجيل مواقف واستغلالها لمد مساحة النفوذ الإقليمي.
صحيح أن تداخل الأتراك في القضية حتى الآن إيجابي وبالذات في موضوع رفع الحصار عن أهل غزة. ولكن ما معنى أن تدسَّ إيران أنفها في هذه القضية، بعد أن اتسعت مساحة التأييد الدولي الإنساني لصالح رفع معاناة أهل فلسطين في غزة؟! فقد عرضت إيران حراسة سفن الإغاثة المتجهة إلى غزة لحمايتها من أي تدخل عسكري. فمرشد الثورة الإيرانية أراد أن يحصل على مكان لإيران في (بازار) القضية الفلسطينية، فعرض أن يقوم بإرسال قوات من الحرس الثوري الإيراني لحراسة السفن.
موضوع رفع الحصار عن أهل غزة وتأثر الأسرة الدولية بمأساة المحاصرين الذين يعانون من حرمان نقص الغذاء وانعدام الدواء، هو الذي أوجد كل هذا التعاطف الدولي والإنساني، وأصبح الموضوع قضية رأي عام دولي لأن المتضامنين الدوليين مدنيون وغير مسلحين، وجميعهم يؤمنون بقضية عادلة وإنسانية ولا تحركهم مصالح وأجندات أيدلوجية كالتي تحرك الإيرانيين الذين يبدو أنهم قد أصابتهم الغيرة من أن الوهج الإعلامي والسياسي تتركز على تركيا وتجرد إيران من قميص فلسطين!! فيريدون ومن أجل أن يحصروا «قميص فلسطين» عليهم وحدهم أن يعسكروا المسألة ويحوِّلوا المساندة الدولية للمتضامنين المدنيين.. إلى تظاهرة عسكرية تجعل الرأي العام الدولي ينفر منهم.
****