Al Jazirah NewsPaper Tuesday  08/06/2010 G Issue 13767
الثلاثاء 25 جمادىالآخرة 1431   العدد  13767
 
لما هو آت
كلاهما.. ولا أكثر أو أقل..!
د. خيرية إبراهيم السقاف

 

من عليه أن يسجّل بيده تحرُّكَ الرقم اليومي في التاريخ لزمن اليوم والشهر ومن ثم السنة، لا محالة سيدرك، دون أن يقوى على كبح عجلته المتراكضة، مَنْ هؤلاء الكتّاب والمعلمون، وكلاهما له علاقة بحصاد الإنسان المعرفي والثقافي؛ لذا هما ليسا صانعي هذا الحصاد وحده بل هما ناقلانه، ومن هنا فإنهما متابعان بشكل مباشر لحركة نموه في الإنسان، من خلال ديمومة العلاقة بمن يتلقى عنهما.. ولئن كان المعلم مؤسس المعرفة، حامل مفتاح المدارك من جانب أوَّلي في مهمته، فإن الكاتب مؤسس من جانب آخر لا تمليه عليه مناهج مخططة، ولا مضامين محتوى معرفي منتقاة، ولا رقابة على ما يدور في ذهنه بمثل ما هي على المعلم عند تنفيذه، فالمعلم من حيث تنبع أمانته بإحساسه بقيمة دوره ومسؤوليته المشتركة مع باقي روابطها التربوية وشراكة المؤسسة التعليمية معه في نوع ومستوى وكمية وكيفية ما يقدمه للمتلقين بين يديه من طالبي العلم والمعرفة، فإن الكاتب تقف به مسؤوليته متفردة عند حدوده وحده لا يشترك معه إلا قلم الرقيب ونادرا؛ لذا فهو وحده المسؤول عما يقدمه لهذا الحصاد، فمسؤوليته تتضاعف، ودوره يقنن بمدى وعيه وقدراته ونقاء نبعه وصدق نيته وأبعاد أهدافه، ومراميها من كل كلمة يلقيها بعبء مؤثراتها ودلالاتها ومضامينها وأفكارها.. من هنا تتفاوت مستويات حصاد المتلقين في المجتمع البشري بمستوى إحساس الكتّاب بأدوارهم في وعي الإنسان ومتعته الفكرية وأحلامه الكبيرة أو المحدودة وطموحاته الواسعة أو الضيقة، وإحساسه بالحياة ودافعيته فيها، بمثل ما تتحدد مستويات مقدرات المتلقين على مقاعد الدراسة. كل من المعلم والكاتب صانع لهذا الحصاد، أحدهما ذو شراكة والآخر يتفرد عنه، لكنهما معا من يميز بين إنسانَيْن على مقعدَيْن في قافلة يقرآن، كل منهما حصاد معلم مكّنه من القراءة وكاتب أتاح له تشكيل ما يقرأ في مجرى داخل جوفه، لا يحدد نهاية مرماه إلى الشاطئ أم إلى التيه إلا هما.. وهناك سيجدان القيمة الصحيحة لرقم التاريخ في حركة الزمن, عند مستوى وكيفية حصادهما.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد