تمنح القنوات الفضائية العربية لعناصر القاعدة جزءا من بثها وبدون ثمن للوصول إلى عيون وربما قلوب المشاهدين لترويج أفكارهم وتهديداتهم لمجتمعاتهم، عندما تقوم تلك القنوات بإذاعة الشريط (كما هو) دون أن تستضيف من يفند تلك الادعاءات من وجهة نظر دينية أو غيرها هذا إذا كانت إذاعته ضرورية مع أنني أرى عدم بث أي شريط لأننا بذلك سنقطع حبال وصل ما تزال تستخدمها القاعدة.
ومن الملاحظ أن طريقة تقديم الشريط والاحتفاء به من قبل القنوات واهتمامها به تضفي نوعا من الزعامة والبطولة لشخصيات تختفي في الكهوف والجبال !! يحاربون الله ورسوله ويناصبون العداء لمجتمعاتهم وقادتها ومواردها واقتصادها ! ولست محللا نفسيا ولكني أعتقد أن صورة مثل صورة سعيد الشهري في شريطه الأخير، وهو يتوعد بإشارات من يده وأصابعه وبثقة ضلت طريقها مع ما تقدمه القنوات من صور أرشيفية لتدريبات القاعدة وغيرها، ربما كان لذلك تأثير قد لا ينال من الأسوياء ولكن الضعفاء والباحثين عن دور ومكانة ربما تستهويهم لعبة التحدي أو المغامرة التي يعتمد عليها أساسا التكوين النفسي للإرهابيين !المراهقون وأصحاب بعض التصورات الخاطئة عن أنفسهم ومجتمعهم ربما اعتقدوا أن الرجل على حق فهو يتقمص شخصية الصادق المحب والناصح الأمين والمتدين الذي سوف يخلص البلاد والعباد من ماذا لا أحد يعرف !! وبدون قنواتنا الفضائية العربية هل يمكن مثلا ل (زعماء) القاعدة في اليمن أو غيرها سواء الذين تمت تصفيتهم أو الحاليون هل ستتهيأ لهم فرص مخاطبة الناس مثلما فعل الشهري قائلاً: أيها الناس اسمعوا وعوا عليكم بخطف الأمراء والوزراء والضباط والمسيحيين والقتل والتدمير وإثارة الفتن !! وإني أتساءل لمصلحة من يتم إيصال هذه الأصوات التي تدعو للقتل والتدمير هل تعي تلك القنوات خطورة ما تفعل ! عندما تذيع شريطا لرجل يدعو للخطف !! ولماذا الخطف ؟! لفك الأسرى !! ومن هم الأسرى هم تلك المرأة التي تعاونت معهم وأضفى عليها الإعلام للأسف ألقاب البطولة والزعامة والأهمية !! تغيرت الأهداف والإستراتيجيات الآن فبعد الضربات الموجعة أصبح الهدف ليس إخراج الكفر من جزيرة العرب تلك الاسطوانة المشروخة التي حاولت القاعدة من خلالها استدرار عاطفة الناس الدينية الآن الأهداف تضاءلت إلى مجرد فك اسر امرأة كانت تجمع لهم المال وتؤوي الأشخاص !
إن على وزارات الإعلام والداخلية في الدول العربية التنبه لمثل هذا النشر المجاني لأشرطة القاعدة ولعلهم ينتبهون إلى أن قنواتنا تتيح فرصة وصول الصوت الإرهابي وانتشاره، فهي إحدى الوسائل التي يستخدمها الإرهابيون (إعلاميا) للتأثير وللترويج للأفكار والتهديد والوعيد وهي لا تكتفي بعرض الشريط بل إنه بعض القنوات تقيم له احتفالية وتجعله مأدبة إعلامية تدعو لها المحللين الذين للأسف نرى أن بعضهم يقول في الشريط وصاحبه ما لم يقله مالك في الخمر فلا تعرف هل الرجل مع الإرهاب أو ضده !
alhoshanei@hotmail.com