ظلَّ مسعى تنظيف منطقة الشرق الأوسط وجعلها خالية من الأسلحة النووية هدفاً تعمل من أجله جميع الدول العربية وتركيا. وحدها إسرائيل حاولت، وبأساليب خفية ومعلنة، عرقلة هذه المساعي.
الدول العربية جاهدت منذ وقت طويل على تفعيل هذه المساعي؛ فمن خلال جميع الاجتماعات العامة للدول المنضمة لوكالة الطاقة الذرية قدمت العديد من مشاريع القرارات التي كانت تُجهض أثناء المشاورات للضغوط الأمريكية بصفة خاصة والغربية بصفة عامة.
ظلت هذه الجهود والمساعي تتصاعد، وأمكن للدول العربية تنسيق تحركاتها مع دول عدم الانحياز؛ مما أوجد كتلة دولية كبيرة ضاغطة، حتى أمكن لهذه المجموعة الدولية أن تنجز خطوة متقدمة جداً من خلال توصل مؤتمر متابعة معاهدة حظر الانتشار النووي الذي اختتم يوم الجمعة في مبنى الأمم المتحدة؛ إذ أقر المؤتمر أول اتفاق من نوعه خصوصاً بالتأكيد على إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط.
وهذه هي المرة الأولى منذ أكثر من عشرة أعوام يُشار فيها بوضوح إلى وجوب جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من الأسلحة النووية.
ورغم التدخلات الغربية، وبالذات الأمريكية؛ لإخراج الكيان الإسرائيلي من أي التزام بهذا التوجُّه الدولي، إلا أن البيان الختامي الذي صودق عليه بإجماع جميع الدول المشاركة في المؤتمر، بما فيها أمريكا والدول الغربية، والذي شغل 28 صفحة، تضمن أربع خطط عمل لترجمة التوجُّه الأممي بتنظيف منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية من خلال محاور عدة، منها التنفيذ الصادق لمعاهدة الحد من الانتشار النووي، من أهمها نزع الأسلحة ومراقبة البرامج النووية الوطنية للتحقق من أهدافها السلمية والاستخدام السلمي للطاقة الذرية.
أما التقدم الجدير بالحديث عنه، الذي سيحقق مساعي الدول العربية، فهو التأكيد على مشاركة جميع الدول في المنطقة في المؤتمر القادم عام 2012، الذي سيقر ويؤكد إقامة منطقة منزوعة السلاح النووي لدول الشرق الأوسط كافة، بما فيها الكيان الإسرائيلي وإيران، وفتح منشآتهما أمام المفتشين الدوليين.
هذا التطور الذي لم تستطع أمريكا والدول الغربية أن تلغيه من البيان الختامي يعدُّ باباً سيفتح المجال واسعاً لمعاملة كل الدول التي تتمرد على الشرعية الدولية، وبالذات الكيان الإسرائيلي الذي يعدُّ أول مَنْ فتح منطقة الشرق الأوسط للأسلحة النووية.
***