تستقبلك شاشة عريضة يظهر فيها الملك عبدالله يرفع يده محيياً الزائر لجناح السعودية في معرض أكسبو في شانغهاي، لا تملك إلا أن ترفع يدك محيياً له ولا تملك إلا أن تقول مثلي: حياك العالم الذي تحييه. والممشى الكهربائي يلف الجناح وسط دهشة عجيبة من الشاشات الإلكترونية التي تجعلك معلقاً مثل حلم تحفك الصور من يمينك ومن يسارك من أعلاك ومن أسفلك وكأنك في كرة بلورية هي التي تدور وأنت ثابت. لا تلبث أن تسمع صرخات الإعجاب والصحراء تنشق عن مدن مثل المحار أو أجمل قليلاً يبدأها ضوء ينبعث من مآذن الحرمين وصوت حركة جموع المصلين وهي تسجد ينتشر الضوء ويغشى المكان وينتقل إلى العالم. دموعك وقشعريرة تتناوب جسدك تفتح مسامات جلدك فخراً وتوقاً وحلماً بالمستقبل.. على أنغام موسيقى أوبريت الوطن ومحمد عبده يغني السامري ونخلات الإحساء وبرجي المملكة والفيصلية وسكري عنيزة الذهبي تمتلئ الشاشات بصور النساء بعباءتهن وحجابهن ووجوههن الممتلئة فيضاً من الطموح في أعمالهن وطلاب المدارس وضجيج الصباحات بالعمل وانتظار الغد المختلف. الممر يعبر الصور والشهقات تتعالى والدهشة تعقد الألسنة ولا تجد حولك إلا مختلف الجنسيات برددون بلغاتهم المختلفة: رائع، رائع رائع. الصورة سيدة المكان تذكرت حينها كتاب الدكتور عبدالله الغذامي الجميل عن الصورة التلفزيونية وأنها اللغة المؤثرة في ذهنية العالم، حيث تتراجع اللغة المنطوقة والمكتوبة وتنتصر لغة الصورة.. الزحام الذي يشهده الجناح السعودي يؤكد هذه النظرية فالانتظار يتم بالساعات والطوابير طويلة جداً ولافتة ويتحدث عنها كل مسؤولي الأجنحة الأخرى التي زرناها كاوا يتحدثون بلغة فيها غيرة تنافسية عن الزحام على الجناح السعودي وأنه كسب الجولة باقتدار. الميزة المذهلة في الجناح السعودي هي التقنية ولغة الصورة التي لا تمارس الوصاية على المشاهد تتركه يستوعب الرسالة عبر تقنية مذهلة. الجميل أن السعوديين قدروا الإقبال الكبير من الزائرين وانتظارهم تحت الشمس لساعات تمتد لأربع ساعات فوضعوا مظلات على الممرات كما تحاول الفرق الشعبية التخفيف من ملل الانتظار الطويل بتقديم عروض شعبية وأهازيج تلقى التفاعل من المنتظرين. ويبتهج الصينيون بثقافات الشعوب الخاصة كونهم يقدرون ثقافتهم الشعبية. تمنيت لو أن وزارة الإعلام وعبر قناتها الثقافية لو تقدم رسالة يومية عن الجناح والمعرض بشكل عام، فالجهد هناك يستحق كما أن الانطباعات عن السعودية مذهلة. كما أتمنى أن تنظم وزارة التعليم العالي زيارات لطلابها للجناح السعودي في شانغهاي لأن في الجناح ما يدفع العزيمة لبناء وإنماء الوطن. يقف خلف هذا الجهد المميز صاحب السمو الملكي الأمير منصور بن متعب وفريق عمله المدرب. لا تملك إلا أن تحييهم إذ قدموا الوطن بصورة بهية تأسر كل من يشاهدها.
