نذكر جيل الطفرة وما بعدها بقليل أن هناك برنامجاً مرورياً إعلامياً ميدانياً يسمى «العيون الساهرة»، وكان من أبرز العاملين فيه عبدالله الكعيد الضابط المروري سابقاً والكاتب الصحفي حالياً، فقد اصطبغ ذلك البرنامج بجداريات «كان».. تلك التي لم يبق منها إلا النزر اليسير حيث تحولت تلك الرؤى التوجيهية وبقيت الطرق والشوارع تلهث لفرط المخالفات وغياب الصيانة والتحديث التي بتنا نتوارثها جيلاً بعد جيل.
لم نعد نتذكر في تلك الحملات التثقيفية والصولات التوجيهية والجولات المرورية إلا اسم الكعيد وآخرين عمل أكثرهم بجد واجتهاد وبما لديهم من إمكانات بسيطة، وربما لم يبق من الذكرى سوى ذلك البرنامج المروري «العيون الساهرة».
أما اليوم فإن البرنامج الجديد؛ جداً.. آخر طبعة الذي أطلق عليه نعت «ساهر» ربما تيمناً بفضاءات وتبعات وامتدادات وذكريات برنامج «العيون الساهرة» آنذاك، إلا أن ساهراً هذا لا يبدو كسابقه من البرامج المرورية التي نفذت سابقاً وكانت ترفع شعار التوجيه والنصح والإرشاد.
وقد عرف عن «العيون الساهرة» آنذاك أنها تتفاعل مع الناس لا سيما قائدي المركبات أو السيارات ربما من قبيل الشعور الإنساني العفوي، حيث تغض الطرف غالباً عن مخالفات الكبار وحديثي التعلم للقيادة، بل وتحاول تلك الحملات والبرامج أن تُسيِّر الأمور وفق منظور أو لغة «سددوا وقاربوا».
أما مجيء برنامج «ساهر» فلا يعدو كونه نسخة نظامية لا تخلو من الصرامة التي تقترب من الصدامية أو العقابية لكل قائد مركبة بحجة وجود الآلة المتمثل في الكاميرا التي تقوم بهذه المهمة، حيث يحاول رجال المرور إلقاء تبعات البرنامج وأخطائه على كاميرات الرقابة وكأنهم نسوا أنهم هم من يشغلون هذه الآلات.
أمر لا بد من ذكره وهو أن رجال المرور لم يكفوا ولو للحظة عن الإشارة والقول بأن أصواتهم قد بُحَّتْ لكثرة ما حاولوا الترويج لهذا المشروع والتعريف بأهدافه ومراميه وتهيئة الجمهور لتقبل هذا الحدث بشكل مناسب، إلا أنهم ربما تناسوا الوضع السيئ للطرق والشوارع من قبيل الحفر وحصار حواجز الإسمنت ودمج المسارات وضعف البنية التحتية للشوارع، وأهم من هذا وذاك غياب اللوحات الإرشادية والمبالغة في تحديد السرعات في بعض الأماكن، حيث يستحيل تطبيقها من الناحية العملية في ظل موجات الزحام والاختناقات المرورية.
أمر آخر وهو اللفظ في مشروع «ساهر» الذي قد يأخذ طابع القياس على أنه برنامج ليلي يراد منه اقتفاء أثر المخالفين ليلاً ومعاقبتهم على نحو السرعة الجنونية والتفحيط القاتل والتعدي على الممتلكات والمرافق وإيذاء الناس بحجة التنفيس عن الذات وارتكاب الهرب بعد كل مخالفة، إلا أننا وجدناه حتى في رابعة النهار «القايلة» يتربص بالسيارات، فتحاول كمراته الساهرة أن تصطاد على مهلها من تريد إن ليلاً أو نهاراً حسب الطلب.
hrbda2000@hotmail.com