Al Jazirah NewsPaper Monday  31/05/2010 G Issue 13759
الأثنين 17 جمادىالآخرة 1431   العدد  13759
 
قراءة في كتاب التاريخ السياسي لإمارة حائل (3 )
د. عبد الله الصالح العثيمين

 

لعلَّ أهم ما يلفت النظر هو ما أشير إليه عند نهاية الحلقة السابقة من عدم وجود أكثر أرقام صفحات المصادر والمراجع الموضوعة في هوامش الكتاب المنشور؛ وبخاصة ما كتب منها باللغة العربية؛

أساساً أو ترجمة، مع أن هذه الأرقام موجودة في الرسالة، التي هي أصل هذا الكتاب. وعدم وجود تلك الأرقام إساءة للبحث. أما الأخطاء اللغوية أو المطبعية فليست كثيرة، وبعضها كانت موجودة في الرسالة، ولكن منها ما لم ترد خطأ إلا في الكتاب بعد نشره. ومن ذلك أن السطر الأول من المقدمة (ص7) أتى: «تشكل دراسة التاريخ السياسي لإمارة حائل، محاول - وصحتها محاولة - لكشف الغموض...» وكانت قد وردت صحيحة في الرسالة. ووردت الإشارة إلى مجلة الدارة (ص 15، هـ3): «السنة الثانية». وصحتها: السنة الثامنة. وقد وردت في الرسالة صحيحة.

وقد تحدث الباحث الكريم، جبار عبيد، في مقدمة كتابه (الرسالة أصلا) عن تقسيمه لفصوله، وعن المصادر والمراجع التي اعتمد عليها في كتابة بحثه. ثم أعقب المقدمة بتمهيد عن موقع إمارة حائل وأهميته وعن السكان وأهم المدن التابعة لحائل؛ بادئاً ذلك بسبب تسمية حائل بهذا الاسم.

وكان العنوان لذلك في الرسالة هكذا: «التمهيد» وتحته عناوين فرعية هي: التسمية - موقع إمارة حائل وأهميته - السكان - أهم المدن التابعة لحائل. فأصبح في الكتاب المنشور: «موقع إمارة حائل وأهميته - السكان وأهم المدن التابعة لحائل». وهكذا حُذفت كلمة «التسمية»، التي هي أحد هذه العناوين. ومع ذلك فإن الحديث - بعد العنوان - في الكتاب أتى وفق ما هو في الرسالة؛ أي التسمية، فالموقع وأهميته، فالسكان، ثم أهم المدن. وبذلك يتبين أن ما هو في الرسالة أصح.

وفي ذلك التمهيد المكون من 16 صفحة لم تذكر أرقام صفحات أكثر من خمسين مصدراً أو مرجعاً أشير إليها في الهوامش في حين أن تلك الأرقام مذكورة في الرسالة، التي هي أصل الكتاب.

أما الفصل الأول من الكتاب فعنوانه: «نشوء الإمارة واتساعها». وتحت هذا العنوان عناوين فرعية هي: الظروف السياسية - دور عبدالله بن علي الرشيد في تأسيس الإمارة - تأسيس الإمارة - الأسرة الحاكمة.

ولقد قال المؤلف (ص35):

«واصل السعوديون تَوسُّعهم بقوة السلاح حتى خضعت نجد والأحساء لنفوذهم، ثم اتجهوا شمالاً حتى الأراضي العراقية. ويبدو أن هذا التوسع وما صحبه من مخاطر لم يثر الدولة العثمانية بالشكل الذي يدعوها إلى الرد عليها بتجهيز الحملات إلا بعد أن دخل السعوديون الأماكن المقدسة في الحجاز».

والقول بأن اتِّساع الحكم السعودي قد تم بقوة السلاح قول فيه تجاوز وتعميم. ذلك أن من البلدان النجدية ما دخل تحت ذلك الحكم طوعاً واختياراً. ومن تلك البلدان ما كان زعماؤها قد بدأوا العدوان على المناطق التي تحت حكم آل سعود، فاستعمال هؤلاء السلاح ضدها كان رد فعل على ذلك العدوان. والقارئ للتاريخ السعودي قراءة تأمل يدرك أن غزو آل سعود للأحساء كان بمثابة رد فعل على عدوان قادة تلك المنطقة المتكرر وغزواتهم ضد الأراضي السعودية في نجد، وقد تناولت ذلك بنوع من التفصيل في الجزء الأول من تاريخ المملكة العربية السعودية، ط 15، ص ص 125-132. والقول أن اتساع الحكم السعودي، أو كما وصفه المؤلف بالتوسع، «لم يثر الدولة العثمانية بالشكل الذي يدعوها إلى الرد عليه بتجهيز الحملات إلا بعد أن دخل السعوديون الأماكن المقدسة في الحجاز» قول لا يتفق مع الواقع التاريخي. فأشراف مكة التابعون للدولة العثمانية قد ناصبوا الدولة السعودية العداء من بداية حكم هذه الدولة؛ وذلك بتكفيرهم الشيخ محمد بن عبدالوهاب، ومنع أتباعه من أداء الحج أكثر من خمسين عاماً باستثناء عامين من تلك الأعوام. وبدأوا يحاربونها عسكرياً من عام 1205هـ. ولما هُزموا في معركة الجَمَّانية، عام 1210هـ؛ إضافة إلى نجاح آل سعود في إدخال منطقة الأحساء والقطيف تحت حكمهم عام 1208هـ، بحيث أصبح حكمهم متاخماً لولاية العراق العثمانية، بدأ العثمانيون بحربهم؛ وذلك بإرسال حملة ضدهم بقيادة ثويني بن عبدالله زعيم المنتفق عند نهاية عام 1211هـ. لكن قائد تلك الحملة قُتِل قبل التحام الطرفين في بداية العام التالي، ففشلت الحملة وعادت أدراجها إلى العراق.

ثم أرسل والي العراق حملة أخرى ضد الأراضي السعودية بقيادة نائبه عام 1213هـ، فوصلت إلى الأحساء، وحاصرت حصونها، لكنها هي الأخرى فشلت، فعادت أدراجها إلى العراق. أما دخول الأماكن المقدسة في الحجاز تحت الحكم السعودي فكانت بدايته في عام 1218هـ، ثم اكتمل في نهاية عام 1220هـ. وبذلك يتبين أن الدولة العثمانية قد أرسلت حملتين من العراق ضد الأراضي السعودية؛ إضافة إلى غزوات واليها على مكة ضد تلك الأراضي، قبل دخول الأماكن المقدسة في الحجاز تحت الحكم السعودي. وقد تحدثت عن ذلك بنوع من التفصيل في الجزء الأول من تاريخ المملكة المشار إليه سابقاً (ص ص 132 - 148 و165 - 178).

- قال الباحث عبيد (ص 57): «مَدَّ (عبدالله بن رشيد) سيطرته على بلاد القصيم سنة 1841م حيث وقعت معركة عنيفة بين ابن رشيد من جهة وأهل القصيم وحلفائهم من قبيلة عنزة من جهة أخرى، وعرفت باسم «معركة بقعا».

والواقع أن أهل القصيم، بقيادة عبدالعزيز بن محمد آل أبو عليان أمير بريدة وتوابعها ويحيى بن سليم أمير عنيزة؛ إضافة إلى فئة من عنزة قد قاموا بغزو إلى جهات جبل شَمَّر، فحدثت بينهم وبين ابن رشيد وأتباعه معركة بقعاء، حيث هزموا هزيمة كبيرة، وقتل يحيى بن سليم صبراً بعد مجيئه إلى ابن رشيد إثر نهاية تلك المعركة. على أن المعركة لم تؤد إلى سيطرة عبدالله بن رشيد على القصيم كما ذكر الباحث عبيد. بل إن القصيم لم تدخل تحت حكم آل رشيد إلا بعد هزيمة أهلها في المُليَّداء أمام الأمير محمد بن رشيد عام 1308هـ.

- قال الباحث (ص 58): «كانت زكاة إمارته (أي إمارة عبدالله بن رشيد) تنفق في داخلها ولا يرسل منها شيئاً (والأصح شيء) إلى الرياض».

غير انه ذكر (ص 227) أن الملك عبدالعزيز طالب آل رشيد - بعد مقتل الأمير عبدالعزيز بن متعب - بدفع متأخر الزكاة التي كان يدفعها أمير حائل للرياض سابقاً. ومن المؤكد أن المراد بهذا الأمير لم يكن محمد بن عبدالله ولا عبدالعزيز بن متعب. ولذلك فإنه يبدو وجود تناقض بين ما ذكر في الموضعين المذكورين.

- قال الباحث عبيد (ص 63، هـ6): «ذكرت بعض المصادر أن وفاة طلال بن رشيد كانت 11 آذار 1868م، والبعض الآخر حَدَّدها في 1866م، والآخر في 1865م. ونرى أن التاريخ هو صفر 1283هـ، 11 آذار 1866م هو أقرب إلى الصحة لإجماع المصادر الأخرى عليه».

وبغض النظر عما في الفقرة السابقة من ركاكة السبك فإن مما يؤخذ عليها:

1- عدم تَواؤم العبارة، إذ ما دام هناك خلاف بين المصادر المذكورة فالإجماع غير موجود.

2- ذكر المؤلف ستة مصادر دون أن يوضح أيّها أخذ بأحد تلك الآراء الثلاثة المشار إليها.

3- ذكر أن وفاة طلال كانت في صفر سنة 1283هـ، وحدَّده بالتاريخ الميلادي باليوم الحادي عشر من آذار عام 1866م. ومن المعلوم أن عام 1283هـ لا يبدأ إلا في السادس عشر من أيار/ مايو عام 1866م. فبداية صفر لا بد أنها كانت في حزيران/ يونيو، لا في آذار. أما في الرسالة فلم يذكر التاريخ الهجري. ولذلك لم يحدث في عبارتها ما حدث في عبارة الكتاب المنشور من خطأ.

وجدير بالذكر أن الزعارير جعل نهاية عهد طلال في صفر سنة 1283/ 11 آذار 1866م. ومقابلة التاريخ الميلادي بالهجري خطأ، كما ذكر سابقاً، فهل قّلَّد عبيد في الكتاب المنشور الزعارير دون تَدبُّر، فوقع في خطأ لم يحدث منه في الرسالة، التي لم يذكر فيها التاريخ الهجري؟



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد