تزيّن جبينَ رياض العز، منذ نحو عقدين من الزمن، جوهرة ثمينة من جواهر الخير نالت ثمارها أعداد كبيرة من أبناء وبنات هذا الكيان الخالد، تلكم هي (مؤسسة سلطان بن عبد العزيز للخدمات الإنسانية)، التي تُعتبر واحدةً من أضخم وأفخم مبرّات الخير لا في بلادنا فحسب، بل في الوطن العربي وما وراءه!
وقد أنشأ هذه المدينة الطبية المباركة، مبادرة وتأسيساً وتمويلاً، سيِّد البِرّ، صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود - أيده الله - كي تُعنى بتقديم العلاج المتخصص للمعاقين تحديداً، وإعادة التأهيل الطبي والنفسي والحركي لمن خذلهم العمر، أو شلَّ حركتَهم خطْبٌ من خطوب الزمان، وهي بما تفعله تسعى إلى توطين وتوطيد الثقة في وجدان من قصدها، ترميماً لجسده، وتأهيلاً لنفسه كي يستأنف السير من جديد في مناكب الحياة!
أنشئت هذه المدينة في عهد خادم الحرمين الشريفين، الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود - طيب الله ثراه - وذلك بموجب الأمر الكريم رقم (أ - 77) وتاريخ 20-8-1415هـ، على مساحة تقدر بمليون ومائتي ألف متر مربع، وتقع شمال مدينة الرياض في منطقة بنبان.
تقدم المدينة خدماتٍ جُلَّى لقاصديها من أنحاء البلاد، عبر برامج علاجية متخصصة، وتخدم شرائحَ عريضةً من الرجال والنساء والأطفال الذين ينعمون بما تتيحه لهم من خدمات علاجية متطورة، استُقطبت من أجلها أرقى كفاءات التأهيل الطبي والنفسي والعلاج الطبيعي، من داخل المملكة وخارجها، كما تُستخدم أحدث التجهيزات الطبية، فنياً وتقنياً، وقد صُمِّمت المدينة ونفذت على نحو هندسي ومعماري بديع يجعلُها تسرُّ الناظرين، سواءً من ناحية المباني أو المسطحات الخضراء أو الشوارع والطرقات وجميع مرافق الخدمات المساندة المنتشرة في أرجائها.
تستقبل المدينة سنوياً مئات الحالات المحالة إليها لتعيد تأهيل أصحابها صحياً وحركياً ونفسياً، وتتزايد الحاجة لهذا المرفق الإنساني الكبير يوماً بعد يوم في ضوء بعض سلبيات الحراك الحضاري، وفي مقدمتها نوائب حوادث السيارات التي تحصد الأرواح بوتيرة يومية، ناهيك عما تحدثه من إصابات وتشوهات بليغة أغلب (أبطالها) براعم شابة!
وبعد..
فالحديث عن مبرة سلطان الخير الإنسانية لا تنصفه مداخلة متواضعة كهذه، ولا تشبعه وصفاً ولا إشادة، فهي بحجمها وعطائها البليغ وتكلفة أدائها تفوق كل وصف، وليس لي في الختام سوى الدعاء إلى الله العلي القدير الذي أقرَّ الأعين والقلوب بعودة سلطان الخير إلى وطنه وأهله سالماً معافى، أن يحفظه من كل سوء، وأن يجعلَ ما فعله ممثلاً في هذه المؤسسة وفي سواها من مبادرات الخير، سعادة له في الدنيا، وروضاً في الآخرة معطراً بمسك المغفرة والرضوان.