لن أنتصر لرعاية الشباب في بيانها الذي نشرته حول نقاشات أعضاء مجلس الشورى لتقريرها السنوي وما ورد في مداخلات بعض الأعضاء، ولن أسلب من عضو حق حرية التعبير في إبداء آرائهم وأفكارهم، سواء في جلسات المجلس أو اجتماعات اللجان، وهي الوسيلة التي من خلالها يتوصل المجلس إلى الصواب والرأي السديد، وتتحقق من خلالها تعددية الآراء التي تفضي إلى أفضل القرارات والتوصيات؛ فالانتصار لغير الحق مظلمة.
ولكن حين يُفاجأ المرءُ مثلي بالبَوْن الكبير في الأرقام التي طُرحت في مداخلات بعض الأعضاء تحت قبة الشورى، والتي ذكرت أن ما تم صرفه على أعمال الصيانة 800 مليون، تاركة خلفها الكثير من علامات الاستفهام والتفسيرات التي قد تُحدث بلبلة في أوساط الرأي العام وتسيء إلى سمعة أحد الأجهزة الحكومية. تلك التي وردت في بيان الرئاسة العامة لرعاية الشباب، والتي تؤكد أنها لم تتجاوز 437 مليون ريال. وبالتأكيد فالرئاسة لم تنشر مثل هذه الأرقام إلا ولديها ما يؤكد ذلك ويوثقه، وخاصة العقود الموقعة مع شركات التشغيل والصيانة.
وحين نقف على مثل هذا الرقم الذي يقارب 400 مليون ريال ثمنا للمعلومة الصحيحة والدقيقة نجد أن هناك خللا في طريقة وأسلوب طرح بعض أعضاء مجلس الشورى الموقّر، وأنا أدرك أنهم قلة؛ لمعرفتي بأن جميعهم من أهل العلم والخبرة والاختصاص، ويتمتعون بالأسلوب العلمي الدقيق في الطرح والرؤية إدراكا منهم بأهمية القضايا التي تتم مناقشتها.. وليس على حصيلة ما سمعه العضو في مجالسه الخاصة من «سواليف» غير دقيقة وموثقة لا تفيد في معالجة القضايا وقد يبنى عليها قرارات غير صحيحة لا تخدم الأهداف التي من أجلها وضعت تلك الملفات على طاولة مجلس الشورى الموقر.
تصويب بوصلة أداء أجهزتنا الحكومية نحو الاتجاه الصحيح الذي يحقق تطلعات وآمال الجميع، ابتداء من القيادة التي حمَّلت كل عضو مسؤولية مصلحة الوطن والمواطن، وانتهاء بالسعودي البسيط الذي يؤمن بأن مجلس الشورى يعمل من أجل تحقيق مصالحه، وهو كذلك - ولله الحمد - يجعلنا نتوقع من الأعضاء أيضاً أن تكون آراؤهم مبنية على معلومات دقيقة وصحيحة؛ حتى تفضي إلى قرارات سليمة، وخصوصا أنه يتعامل مع قضايا مهمة وحساسة كالخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والأنظمة واللوائح والمعاهدات والاتفاقيات الدولية والامتيازات والتقارير السنوية التي تقدمها الوزارات والأجهزة الحكومية وغيرها من القضايا المهمة التي تُعرض عليه.
وهذا ليس انتصارا للرئاسة العامة لرعاية الشباب؛ لأننا على يقين بأن أداءها ليس معصومًا من الخطأ، وأي مشروع عمل لا بد أن يشوبه القصور، وإذا كانت الرئاسة بفضل من الله قد قطعت شوطاً كبيراً ومهماً في تطوُّر القطاع الشبابي والرياضي، ووصلت بجميع معطياته إلى درجة العالمية، فإنه قد يعتري أداءها كغيرها من الأجهزة الحكومية الأخرى بعض القصور، الذي يتطلب من أعضاء مجلس الشورى الموقرين عند مناقشتهم لتقريرها تقديم رؤية سليمة مبنية على الأرقام والمعلومة الدقيقة التي تكون منطلقًا لقرارات وتوصيات صائبة لمكامن القصور، لا أن تكون رؤية ناقصة أو معلومة غير مبنية على حقائق وأرقام موثقة لا تخدم مسار النقاشات والمداولات التي تدور داخل أروقة المجلس نحو أدائها وأداء الكثير من أجهزة الدولة.
من هنا أضم صوتي إلى مَنْ سبقوني بالمطالبة بإيجاد لجنة خاصة بالرياضة والشباب ضمن لجان المجلس، تضم متخصصين في هذا المجال، بدلا من أن تظل قضايا الشباب والرياضة، وما أصبحت تمثله الرياضة من مفاهيم حديثة تؤثر في اقتصاديات الدول ومرتبطة بأنظمة وقوانين دولية ولوائح احترافية حديثة، بين ملفات لجنة شؤون الأسرة.