عندما يوصي المشاركون لفريق الخبراء الدائم في اجتماع - الأمانة العامة لجامعة الدول العربية - بوضع مشروع إستراتيجية إعلامية عربية مشتركة؛ لمواجهة ظاهرة الإرهاب، تعمل على تصحيح صورة العرب والمسلمين أمام
الرأي العام الدولي، فإن ذلك يؤكد على أن: ظاهرة الإرهاب أصبحت ظاهرة عالمية، بحكم تزايدها وتناميها بشكل لافت خلال العقد الأخير، ولذا فإن أسلوب المواجهة في التصدي لهذه الظاهرة الخطيرة، والتي أصبحت تهدد أمن الشعوب والمجتمعات يعتبر مطلبا مهما - ولاشك - إذ إن الإرهاب والتطرف طرفا معادلة، ونتاج لتضافر جملة من الظروف المتداخلة، منها ما هو اجتماعي واقتصادي وإعلامي وسياسي، ومنها ما هو تربوي وثقافي وفكري؛ كل ذلك من أجل نشر الأفكار الهدامة، والقيام بعمليات التخريب، وتحقيق أهدافهم غير المشروعة.
الكثير من المؤشرات تدفع نحو الخطر الكبير الذي أصبح يشكله الإرهاب بتفاعله مع عدد من المؤثرات المحلية والخارجية، فأصبح - للأسف - « كحصان طروادة « الذي يركبه صاحبه خدمة وتحقيقا لأهدافه غيرالمشروعة، ومع أن الإرهاب غالبا ما يكون مرادفا للعنف ومصاحبا له إلا أن العنف أكثر شمولية منه؛ لفرزه إرهابا في الغالب بخلاف العكس، ولذا اعتبرته المنظمات الدولية - كالأمم المتحدة - شكلا من أشكال العنف المنظم.
على هذا النحو فإن قراءة الإرهاب قراءة حيادية وموضوعية، ستوصلنا إلى نفس النتيجة التي تؤكد على أن: كافة الأعمال الإرهابية الإجرامية، هي ممارسة غير شرعية ولا قانونية، فلإرهاب يبدأ من فكرة ، ثم يصبح قناعة، ثم يتحول إلى ممارسة يرضخ لإيديولوجية مبرمجة ضمن إطار فكري؛ من أجل الوصول إلى هدف معين، وتنتقل من قوة العقل إلى عقل القوة.
أكرر مرة أخرى، إن إدانة الإرهاب بكافة أشكاله وأساليبه ومظاهره السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية، وإيضاح أسبابه، ومنابعه، ومخاطره، وبيان الضوابط الشرعية لقضايا التكفير، ووضع إستراتيجية واضحة المعالم ومحددة المقاصد تقوم على ترسيخ ثقافة الحوار وقيم التفاهم، وإذكاء روح التسامح، وتفعيل الحس الأمني في المنظومة الأمنية المتكاملة، أمور في غاية الأهمية - ولاسيما - وأن تعزيز الأمن الفكري يبقى القاسم المشترك بين كل الأجهزة.
drsasq@gmail.com