إذا كان العالم قد أصبح قرية كونية، وأن الفضاء الإعلامي أصبح متاحاً للجميع ليؤثر في المتلقي ويتأثر به من ردود أفعال.
إذا كان هذا أحد ملامح القرن الحادي والعشرين، فإن المتغير الثاني والأكثر تأثيراً على حياة الشعوب هو تشارك العالم جميعاً في اقتصاد واحد رغم التصنيفات والمناطق الاقتصادية التي يتصور البعض أنها مغلقة على أعضائها، كمنطقة اليورو، والآسيان والمتعاملين بالدولار.
أزمة الرهن العقاري التي تفاقمت وتفجرت فقاعتها في الولايات المتحدة الأمريكية أدت إلى إفلاس بنوك ومصارف في أوروبا وآسيا فضلاً عن البنوك الأمريكية فخلقت أزمة مالية عالمية لا يزال الاقتصاد العالمي يعاني منها.
ديون اليونان فجرت أخطر أزمات منطقة اليورو الأوروبية وتفاعلت معها اقتصاديات الدول الأخرى وتأثرت أسواق المال ووصل رذاذها إلى أسواق الأسهم الخليجية والعربية ومنها السوق السعودي الذي خسر أكثر من خمسة في المائة من قيمته في أسبوع، ومثله سوق الأسهم المصري والسوق القطري...!!!
إذن لم يعد أحد بمنأى عما يحدث عند الآخر، يعطس الاقتصاد الأمريكي فيمرض اقتصاد أوروبا وتنتقل العدوى إلى آسيا وتعاني إفريقيا التي لا تجد من يقدم المعونات لها.
هكذا العالم أصبح ليس قرية كونية بل منزلاً متعدد الحجرات، بعضها أفضل تأثيثاً وسكانها أفضل عافية ويحصلون على غذاء أفضل، إلا أنه لا يمكن أن يتصور أن من يقيمون معهم في المنزل في الغرف الأخرى يظلون صابرين طويلاً على أوضاعهم المتردية..!!
لذلك ولكي يصبح كل سكان المنزل في وضع مريح، فإن على الجميع أن يتكاتفوا لإصلاح الأوضاع قبل أن ينهار السقف على الجميع.
أمس أمريكا، واليوم اليونان وقبلها دبي، أزمات بعضها يعالج، وبعضها ينتظر الحل ورصيد الثقة يتناقص بانتظار أن تعود الحكمة وأن يكون العدل ميزان التعامل بين الشعوب والبشر.
***