مكة المكرمة – واس :
تناول إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس في خطبة الجمعة بالمسجد الحرام أمس أساليب التحايل على شرع الله، والخداع في أحكامه، والعدول بها إلى غير حقائقها، ووضعها في غير سياقاتها وطرائقها، والتمويه في استصدار الأحكام، بالخديعة. وقال: «إن هذه القضايا نذير كل فساد ولؤم ومضرة، والتجافي عنها هدى ومرضاة ومسرة؛ ففي عصر زاخر بالصراعات المادية والاجتماعية، والسلوكيات الأخلاقية، والمفاهيم المنتكسة حيال الشريعة الربانية، ظهرت قضية بلغت من الخطورة أوجها وقاصيها، ومن وجوب التصدي لها ذروتها ونواصيها، وما أسبابها ودواعيها إلا الجشع النهيم، والتجاهل الوخيم، ومخادعة العزيز العليم، إنها معضلة مفجعة، ومشكلة مفظعة».
وأضاف «ومن كان لزيمه التمويه في استصدار الأحكام، وذريعته الخديعة ومسالك الظلام، في التجرؤ على حدود الملك العلام، فقد باء بأعظم الذنوب، ومقت علام الغيوب. كيف والحيل ونظيراتها محرمة بالكتاب والسنة، وإجماع سلف الأمة، وقواعد الدين وكلياته. ولتلك الأفاعيل السوداء، والأضاليل النكراء، كان ما قصه علينا الديان في محكم كتابه، وما أذاقه اليهود المحتالين في السبت، من أليم عقابه».
وقال إمام وخطيب المسجد الحرام: «ومما لا تنفك عنه بعض الأفهام، من التحايل والإيهام، تمييع قضايا الدين، باسم المصلحة، واليسر تارة، والمرونة، والتطور الحضاري أخرى، نعم، ذلك حق وأيم الحق، ولكن تلك مصطلحات لها دلالاتها ومضامينها، لا ترسل على عواهنها دون قيد ورابط، وقرينة وضابط، بل أنى يخوض ثبج غمارها، ويجيد استكناه أغوارها، إلا المجلون في العلم، الراسخون في الاستنباط والفهم، وهل نتج عن تلك المصطلحات العَطلة الزمام، والفتاوى المجردة عن الزمام والخطام التي لم تؤصل على الأناة والتيقظ، والورع والتحفظ، وهل نتج عنها في الدين إلا الهجر لعمود شعائره، والثلم لسني شرائعه؟ والله المستعان».
وأضاف فضيلته يقول: «وما عن هؤلاء ببعيد المحتالون بالمنصب والرشوة على الضمائر والذمم، والمبادئ والقيم، تحقيقا لدنيء مآربهم، وضخا في رصيد مكاسبهم، وإن تحطمت مصالح الأمة، وأصاب المجتمع من التقهقر والمحن ما أصابه، أما لي أعناق النصوص من الكتاب والسنة، واحتكار معانيها ومراميها، على غير فهم سلف الأمة، لترويج أفكار هدامة، تستبيح قتل الأبرياء، ومعصومي الدماء، وتحيل الديار الآمنة الوارفة مسارح تكفير، وتفجير، فإنه عين المكر الخادع، والتحايل الصادع، الذي يأباه السمع ويمجه، ويقطعه الإنكار ويحجه، وقل مثل ذلك فيمن يمموا شطر التغريب، والنيل من ثوابت الأمة وقضاياها الجُلى، ولاسيما المتعلقة بقضايا المرأة، والزج بها في مباءات الرذائل والتبرج والسفور والاختلاط المحرم، في تحايل مكشوف على أعراض الأمة وقيمها العليا».