تحليل - وليد العبد الهادي
يساور القلق المستثمرين في منطقة اليورو من مستقبل احتياطات الدول ومدى جدواها في إزاحة التعثر من القارة العجوز خصوصاً أنها أول تجربة حقيقية للاتحاد.. وقصص الإفلاس (ليمان برذرز وغيره) قد تتجدد مع وجوه جديدة هذه المرة من شركات أوروبية والطريق معبدة لإفلاس شركات أوروبية والانضمام إلى قائمة (ليمان برذرز)، وفي اليابان الخوف مبرر حيث مستقبل التبادل التجاري مع الصين وأوروبا مجهول، أما في أمريكا جولدمان ساكس يهدد الحكومة من التهور بأنظمتها المالية الجديدة.. وأخيراً بريطانيا تعاني من ضغوط التضخم والتعثر السيادي مع أحزاب سياسية تبدو مجوفة خاوية من الحلول، ولمزيد من التفصيل سنأخذ جولة اقتصادية نستعرض خلالها أحداث هذا الأسبوع لنعرف ماذا يدور خلف أهم العملات الأجنبية في العالم.
الدولار الأمريكي
خام نايمكس وصل إلى أدنى مستوى له خلال العام (68 دولاراً للبرميل).. وارتد بسبب أرقام التضخم الأمريكية إلى 69.5 دولار.. وطالما الصين تضغط على التضخم والطلب في السوق.. وطالما النمو متأرجح في أمريكا وكذلك أوروبا ليس لها حيلة سوى خفض معدلات الإنفاق الحكومي.. إذن ما هو مصير الشركات التي انتعشت بسبب هذه الخطط والعالم كله مشغول بإعادة الهيكلة.. لذا من الطبيعي أن تنخفض أسعار النفط.. كما أن السوق حرم من المضاربين بسبب ارتفاع سعر البرميل المقوم بالدولار حيث الأخير يعانق قمة كبيرة عند 87 أمام سلة عملاته المتهالكة حتى العقوبات الدولية على إيران نالت من شركات النفط وحرمتها حصصاً في طهران، والذهب المستفيد الثاني بعد الدولار حيث لا يزال اتجاهه صاعداً ويقف الآن عند 1225 دولاراً للأونصة.. ويلمح جولدمان ساكس بأنه لو تم فرض أنظمة مشددة على استثمارات البنوك في النظام المالي ستنخفض أرباح القطاع بنسبة 20%.. لذا رأينا هبوطاً قوياً في المصارف الأمريكية، لكن الجيد خلال الأسبوع هو انخفاض التضخم حيث تراجع نمو أسعار المستهلكين إلى 2.2% مما يعطي حرية للفدرالي في التعامل مع أسعار الفائدة مستقبلاً، أيضاً صافي التدفقات النقدية طويلة الأمد لشهر مارس ارتفعت إلى 140 مليار دولار بعد أن كانت حصيلتها 47 مليار دولار.. وهي إشارة إيجابية حيث يبدو أن الاقتصاد الأمريكي والياباني أكثر تماسكاً بنظر المستثمرين في الاقتصاد الإنتاجي وليس المالي، وأسعار المنتجين على المقياس السنوي جاءت مخيبة للآمال حيث هبطت إلى 5.5% بعد أن كانت عند 6%.. هذا قد يُشكِّل ضغوطاً على المنتجين بخفض أسعار مبيعاتهم من السلع والخدمات ودليل على تراجع قد يكون مؤقتاً في معدلات استهلاك الأفراد.. وأفضل ما في الأسبوع بخلاف التضخم هو نمو أسعار المنازل حديثة الإنشاء على المقياس السنوي لشهر إبريل من 1.6% إلى 5.8%، لكن يبقى الخوف من المجهول المحرك الرئيس للأسواق وذكرى انهيار ليمان برذرز عالقة في الأذهان حتى الآن.
اليورو مقابل الدولار الأمريكي
الطريق إلى نقطة التعادل مع الدولار لا يزال معبداً والأجواء الفنية والأساسية تساعده على ذلك خصوصاً مع إمكانية عدم فتح مراكز مضاربية (البيع على المكشوف) ونقطة توازن الأسبوع القادم 1.22 والمنطقة الممتدة من 1.16 إلى 1.22 قد يتماسك عندها لكن بشكل شاق إلى أن ينتهي الربع الثاني.
الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأمريكي
هروب من القناة الهابطة الحالية وانفلات أوسع تمكن الزوج من زيارة 1.42.. وقد يستمر الانفلات إلى مستوى 1.37.. وواضح أن أرقام التضخم هي ما ذهب بالزوج إلى هذا المكان ويفضل مراقبة مستوى 1.37 الأسبوع القادم.
الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني
تمكن الزوج من الاستفادة من دعمه عند 91 الذي تمت زيارته بمحاولات شقية بهدف كسر الاتجاه الصاعد ومحور تعاملات البائعين والمشترين عند 90.55 ولا يزال الين يضغط على الدولار لكن يرجح أن يعود الزخم ويتخطى الزوج مستوى 94.6 خلال أسبوعين.
اليورو
الأرقام كانت شحيحة من منطقة اليورو فضلاً عن أن هناك ما هو أهم على المستوى السيادي لكن أبرز أحداث الأسبوع هو الهبوط العنيف في العملة خصوصاً أمام الدولار، أيضاً ألمانيا منعت بعض العمليات المالية ذات الطابع المضاربي وثقيل الوزن مثل البيع على المكشوف في البنوك.. مما أعاد الثقة إلى قاعها وأعطى إحساساً بأن المناخ الحالي غير مدعوم حتى من المضاربين، كما قام بنك سويسرا مرتين بشراء ضخم في اليورو كان السبب وراء ارتداد جيد في العملة، ويعود سبب هبوط العملة بالأساس هو التخوف من أن يستمر الركود طيلة فترة استنفاد الصندوق المعلن (ترليون دولار) إلى عام 2013م وبالتالي انكماش المنطقة من جديد وقد يطول الوقت حتى تتعافى العملة تماماً وتعافيها مرهون بالتخلص من عجز الديون السيادية للدول المتعثرة.
الجنيه الإسترليني
الغريب أن هناك من الوسطاء من يدعو إلى الاستثمار في العملة الملكية التي بين نارين هشاشة الاقتصاد وضغوط التضخم والتعثر السيادي وبين تراجع شهية المخاطرة في أسواق الأسهم لديهم بالإضافة إلى تدني أسعار الفائدة على العملة، وبشأن أخبار الجنيه هذا الأسبوع.. المركزي قرر تثبيت الفائدة عند 0.50%.. وبرنامج شراء السندات الحكومية عند 200 مليار جنيه بعد تراجع النمو للربع الأول 0.2%، ومؤشر (rightmove) الذي يرصد أسعار المنازل على المقياس السنوي لشهر مايو تراجع فيه النمو بنسبة 4.3% يدل على أن الطلب تراجع في هذا السوق بسبب ضعوط التضخم وتدني معدلات استهلاك الأفراد وهو قد أعطى إشارات مبكرة منذ 3 شهور على الهبوط، أما أسعار المستهلكين التي تعبر عن التضخم على المقياس السنوي لشهر إبريل نمت إلى 3.7% من مستوى 3.4% وتشير إلى ضغوط تضخمية تشكّل مشكلة فيما لو استمر التراجع في الناتج المحلي الربع القادم وهي إشارة سلبية للاقتصاد وقوية لكن مبيعات التجزئة نمت إلى 5.3% بسبب نمو قطاع المساكن الأخير لكن لا يرجح استمراره خصوصاً مع تراجع الطلب حالياً على المنازل، وبناء على هذه المعطيات فالاتجاه الأسهل للجنيه هو الهبوط أمام عملات السلع وعملات العائد المنخفض.
الين
مؤشرات الأسهم انتزعت من المستثمرين شهية المخاطرة والمناخ غير الجيد حول مصير التبادل التجاري بين اليابان والعالم يغذي الين خصوصا أمام الدولار حيث اعتادوا على شراء الين في مثل هذه الظروف، ومن الأخبار الجميلة طلبات المصانع على الآلات لشهر مارس أظهرت نمواً بالمعدل السنوي 1.2% بعد انكماش 7% ويبدو أن الإنفاق الاستثماري بدأ يتحسن لآخر شهرين ويمكن التنبؤ بارتفاع أسعار المنتجين قريباً، وثقة المستهلك لشهر إبريل ترتفع إلى 42.1 متخطية مستوى 41 لكن طالما هي دون منطقة الخمسين نقطة فهي إشارة ضعيفة ومؤقتة نحو ارتفاع معدلات الإنفاق، والإنتاج الصناعي في شهر مارس ينمو إلى 1.2%.. مما قد يرفع من مستوى أسعار المستهلكين وهو ما يحتاجه المستثمرون هناك.. لكن ليس قبل أن تهدأ العواطف الجياشة والهلع الحالي في الأسواق.
***
(تمَّ إعداد هذا التقرير منتصف جلسة الأسواق اليابانية يوم الخميس الساعة 4 صباحاً بتوقيت جرينتش)
محلل أسواق المال