Al Jazirah NewsPaper Saturday  22/05/2010 G Issue 13750
السبت 08 جمادىالآخرة 1431   العدد  13750
 
لا يتحول الكذب إلى فضيلة
مهدي العبار العنزي

 

لقد حرّم الإسلام الكذب وتوعد المفترين بقوله تعالى {وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى} (61) سورة طه، والكذب من الرذائل لأنه لا إيمان مع الكذب.

وقال سيد الخلق محمد -صلى الله عليه وسلم- إن الكذب لا يصلح منه جد ولا هزل؟ والكذب خيانة عظمى والكذاب مدحور مذموم والدين الحنيف يحرّم الكذب.

وقد روي عن سيد البشرية أنه قال: إني لأفرح ولا أقول إلا حقاً، وهذا دليل على أنه يجب على الإنسان ان يقول الحق ويترك قول الزور. وإذا علمنا أن اللغة بنت المحاكاة، ما سمعته الأذن يطلقه اللسان، فإنه من المفترض على الإنسان المسلم العاقل المتزن ان يتحرى الصدق ليس فقط فيما يقول ولكن أيضاً فيما يسمع، ولهذا، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كبرت خيانةً أن تحدث أخاك حديثاً هو لك مصدق وأنت له كاذب.

ولأنه عليه الصلاة والسلام يدرك أضرار الكذب على الفرد والجماعة، وأن من يمارسون الكذب هم أخطر الناس على مستقبل الأمم، وهم يحظون بغضب الله ورسوله وعقوبتهم يوم القيامة النار والخزي والعار؟ انه من المؤسف حقاً أن ينتشر الكذب بصورة المتعددة وأصبح الكذابون يحظون بمكانة مرموقة لدى كثير من الناس، وأصبح الصدق عملة، نادرة وأصبح المجتمع يعاني بل ويتعامل مع الكذابين على أنهم أصحاب عقول واعية وأنهم يجيدون المهارة والتخطيط السليم والحلول الناجعة لكل القضايا فمن تصدق ومن تكذب يا ترى؟!

زميلك في العمل يمارس معك الكذب، وأولادك يمارسون الكذب، وأصبح كثير من الناس لا يحترمون مواعيدهم ولا تعهداتهم ولا عهودهم ولا يحترمون أقوالهم، حتى أنك تجد العامل يكذب عليك ويتعامل مع الكذب على أنه يدر عليه الكثير من المال، وأصبح التاجر يتعامل مع الكذب على الناس لأنه يعتقد أن ذلك من فنون التجارة ومن أساليبها المربحة.

وتجد المقاول يمارس مهنة الكذب ويدعي انه انجز كل المشاريع التي رست عليه بأمانة واخلاص وهو يعلم انه كاذب.

من هنا أصبح الإنسان لا يثق بأحد حتى بأصدقاء العمر وأصبح الإنسان الصادق أيضا يخشى ان تأخذ الأكاذيب طابع الحقيقة في أذهان المجتمع وتصدقها الأجيال القادمة. وبالرغم من أنه لا توجد ولا آية قرآنية تجيز الكذب وأنه من الأعمال الضارة وانه يهدم ولا يبني فإن ضرره في السابق أقل خطراً لأن الكذابين في القرى والبلدان والبوادي معروفين وكل من حولهم يعرف أنهم كذابون، وأن أي أخبار تصدر عن هؤلاء لا تصدق ولا قيمة لها. أما الآن ومع وجود وسائل الاتصال والتواصل أصبح الكذب وأهله يمثلون الخطر الحقيقي على الأمة فمع وجود الدعاية والاعلان والافتراء والبهتان انتشر الكذب بصورة مخفيفة حتى ان كثيراً ممن صدقوا بعض الدعايات عن الأدوية فقدوا حياتهم لأنهم صدقوا بأنها نافعة وتناولوها وكانت الكارثة.

وما دمنا ولله الحمد في مجتمع مسلم يرفض الكذب ويرفض الغش والخداع فإن علينا ان نحارب الكذب بكافة أنواعه، وندرك أن الكذاب يجب الا يقلى الاحترام ويجب محاربته لان الكذب ضد كل الفضائل ولا نريد تحويله إلى فضيلة لأنه قمة الرذيلة.

****



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد