منحى جديد، وثقافة أخرى قادت إليها برامج ومناشط (الحوار الوطني)، وهكذا هي طبيعة الأفكار النيّرة، والمشاريع الثقافية ذات الرؤية البعيدة، حين تمنحها المجتمعات الوقت، وتستوعب أهدافها وغاياتها، فإنها تقود وبشكل تلقائي إلى ما هو أفضل.
من طبيعة المراحل التأسيسية لأي برنامج ألا يستوعبها جميع الأطياف من جميع الأبعاد، ويتفاعلون أو يتعاطون معها، وليس من الضرورة في منظوري أن نستوعب كل شيء لأول وهلة، أو في بداية الخطوات، بل يكفي أن تؤمن بها وتتبناها الفئات النخبوية من المجتمع، وهم القادرون من دون شك على قيادة التغيير، وإدارة التطوير، ويمتلكون نفس المقاومة، وروح المثابرة بتأنٍ ورويّة، وحكمة وحنكة.
حملة (بيادر... مبادرات في العمل التطوعي).. أسهمت جهودها في تنمية الحس الوطني، والاجتماعي، والديني لدى أفراد المجتمع، قادها لجنة مكوّنة من العديد من الشباب المتوثّب، هيأ لهم (مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني) أرضية الانطلاق ودعمهم بكل ما يملك من مقومات النجاح، معتبراً ذلك جزءاً من مسؤوليته الاجتماعية والوطنية التي تلبي رغبة وطموحات (القيادة الحكيمة) التي آمنت بالحوار كمبدأ، وتبنته كفلسفة اجتماعية، يجب أن تتغلغل وتتشرَّبها جميع الفئات والطبقات.
لا نخجل إذا قلنا: إن العمل التطوعي سبقنا إليه مع أنه جزء من تراثنا الثقافي، والحضاري، والفكري الذي صودر، أو صدّر عنا على حين غفلة في بعض فترات التاريخ، أو مراحل وهنه، حتى كاد البعض - وتحت عوامل الانبهار بالغير - ينسبه إلى ثقافتهم وحضارتهم جملة وتفصيلاً، وهكذا هي المجتمعات حين تتخلى عن بعض المقومات لديها في فترة من فترات تاريخها تختلط عليها الحقائق، أو تغيب عنها بعض المفاهيم.
في كل عصر، وحين تشيخ همم الكبار، ينبري الشباب بعنفوانه وحيويته، فيستعيدون الأدوار، ويستكملون، أو يسدون بعض الثغرات، وبخاصة حين يجدون من يشد أزرهم، ويأخذ بأيديهم إلى مدارج الكمال الذي ننشد.
لقد مهّدت لهذا الاتجاه لدى الشباب السعودي المتطلّع أطروحات كثيرة ومتنوعة من (مركز الحوار الوطني) تناولت دور الأسرة في تنمية الحوار، والحوار ودوره في تعزيز الأمن الوطني، منطلقين من تأصيل دقيق لضوابط الحوار في الفكر الإسلامي، ملتفتين إلى آدابه ومنطلقاته التي من شأنها تعزيز ثقافة الحوار ومهاراته لدى الناشئة.
في الحقيقة أننا لم نجرؤ على ملامسة، أو طرح بعض قضايانا وهمومنا إلا بعد التهيئة، أو الاستعداد لقبول النقد والمكاشفة، فالجميع شاهدَ، أو شاركَ عبر قنوات مختلفة في تشخيص الواقع (التعليمي)، (الصحي)، أو قياس استعدادات القبول، أو الرفض لكافة أوجه التباين في محيط المجتمع.. وكل تلك الأطروحات أحيت فينا مناقشتها بكل وضوح وصراحة بذور الوطنية، فكان من نتاج ذلك التلاقح في الأفكار، وتمريرها بشكل عفوي، حملة (بيادر) التي قاد المتطوعون فيها من الشباب (قافلة الحوار)، متجاوزة بأفكارها وقيمها تخوم المدن إلى المحافظات بتوجيه من أمير منطقة الرياض، وكانت (المجمعة) هي المحطة الأولى التي ألقى فيها الشباب رحالهم. ا-هـ
dr-alawees@hotmail.com