كنت قد أشرت في المقال السابق إلى أن المخططين لمدينة الرياض في الأربعينيات الميلادية قد تجنبوا مجاري الأودية ذات الانحدارات والشقوق العميقة الأخدودية والمتعرجة التي تنحدر من أعالي ظهرة طويق الشرقية.. والتي تغذي المجرى الرئيس لوادي حنيفة من ضفته الغربية.. ليقيموا مدينة الرياض على السهل والضفة الشرقية لوادي حنيفة.. متجنبين تعقيدات الأودية والطبوغرافيا الصعبة في الضفة الغربية لوادي حنيفة ومجاريه: صفار، وسدير، والمهدية، وأوبير، وأوبرة، ولبن، وأم قصر، وأغذوانة، ونمار.. لكن بقيت أودية وروافد سطحية تُغذي السهل الواقع ما بين وادي حنيفة وظهرة طويق من الغرب، وبين حافتي جبل جبيل والعرمة من الشرق.. ومن أبرز أودية هذا السهل: وادي الأيسن، ووادي البطحاء (الوتر قديماً) ووادي السلي.
يُمثِّل وادي حنيفة المصرف الرئيس لأمطار وأودية شعاب الرياض.. حيث يُشكِّل سداً طبيعياً يحمي -بإذن الله- أحياء مدينة الرياض من أودية وروافد الضفة الغربية للوادي.. والتي تأتي منحدرة من ظهرة طويق.. حيث يمتص ويستوعب الوادي مياه الأودية التي تمَّت الإشارة إليها مثل: المهدية ولبن ونمار وغيرها.
وادي السلي: يُعتبر وادي السلي شرياناً حيوياً يستوعب ويستقطب معظم الأودية والروافد المنحدرة من شمال وشرق الرياض، حيث تنحدر روافده من المرتفعات الواقعة شمال وغرب مطار الملك خالد.. والتي منها وادي بنبان الذي تنحدر روافده بالقرب من مدينة الأمير سلطان للخدمات الإنسانية في بنبان باتجاه الشرق.. ثم الجنوب.. حيث يجري بمحاذاة عرق بنبان الرملي حتى يرفد وادي السلي بعد التقائه مع شعيب (أبا الجرفان) - الذي يخترق مطار الملك خالد - وشعيب البرشاعة، حيث تلتقي جميعها في روضة الجنادرية في منخفض البطين غرب حي النظيم، ثم يستمر حيث يخترق الأحياء الشرقية في مدينة الرياض: النظيم، والنسيم، وإسكان الحرس الوطني، وحي السلي متجهاً جنوباً ومنحصراً بين حافة جبل (الجبيل) من الشرق.. وطريق الرياض - الخرج من الغرب.. حتى يرفد وادي حنيفة قرب بلدة الرفاع والرفايع.
شعيب (أبا الجرفان): ينحدر من المرتفعات الواقعة غرب مطار الملك خالد.. ويخترق الأطراف الشمالية لجامعة الأميرة نورة - تحت الإنشاء - قرب المطار.. ثم يخترق طريق التخصصي واستراحات المؤنسية.. حتى يلتقي مع وادي بنبان في البطين المنحصرة ما بين الدائري الشمالي وطريق التخصصي وطريق الجنادرية.
ويُلاحظ أن مدينة الرياض محصورة فيما بين ظهرة وحافة طويق ومجرى وادي حنيفة الأخدودي من الغرب.. وبين مجرى وادي السلي وروافده من الشرق.. ويخترق أحياء مدينة الرياض في الوسط الشرقي بعض روافد هذين الواديين (الأيسن والسلي) مثل وادي: الأيسن، ووادي أبا الجرفان، ووادي البطحاء، وقري، وطليحة، وشعيب وعكنة.. وهذا يؤكد أهمية العودة للخرائط والصور القديمة للرياض لتبين مسار تلك الأودية والروافد ذات المجاري السطحية لحمايتها والاهتمام بها.. وجعلها أساساً لصرف السيول.. إضافة إلى مشروعات صرف السيول البنية التحتية لشبكة الصرف.. والفارق ما بين سهل الرياض.. وبين ظهرة طويق التي لم تتعرض إلى فيضانات وكوارث المطر أن أودية طويق أخدودية وعميقة.. ولم يتم التعدي عليها عمرانياً وسكانياً.. لكن أودية حافتي الجبيل والعرمة سطحية مثل الأيسن والسلي وأبا الجرفان وشعاب البطين.. لذا تمَّ التعدي عليها وأُقيم على بطونها أحياء سكانية ومشروعات.. ولحماية شرق الرياض يتطلب من الجهات المعنية إعادة هندسة ومسارات الأودية (السلي) وحمايتها وتحسينها وتحويلها إلى مصرف طبيعي أساس ومساند لمشروعات صرف السيول.