Al Jazirah NewsPaper Monday  17/05/2010 G Issue 13745
الأثنين 03 جمادىالآخرة 1431   العدد  13745
 
الرئة الثالثة
شوارد بين السياسة والثقافة!
عبد الرحمن بن محمد السدحان

 

(1)

هل بات السلام أمراً مستحيلاً؟!

- علمتني الأيام التي تلت مؤتمر مدريد للسلام عام 1991م أن أكون حذراً رغم تفاؤُلي، ومتحفظاً رغم ثقتي، ومتسائلاً رغم يقيني، واليوم.. أكتب من جديد عن ذلك الحدث الذي (كان) متأملاً ما كان.. يمكن أن يكون من أمر هذا السلام البعيد القريب فأقول:

- مسكين أمر هذا السلام!

الذين لا يستطيعون صنعه، يحترقون رغبة (فيه) وهم بعض الفلسطينيين وبعض العرب، والذين يستطيعون صنعه، تخور عزائمهم رغبة (عنه)، وهم الإسرائيليون أو جلّهم.

- بعض الفلسطينيين، ومعهم بعض العرب، يريدون السلام لكنهم لا يملكون (كل) أوراقه.

- والإسرائيليون أو جلهم، لا يريدون السلام حذراً من تبعاته، رغم أنهم يملكون معظم الوسائل لبلوغه، لو شاؤوا!

- العرب، ومعهم الفلسطينيون، أعطوا الكثير بلا حساب من أجل السلام، وتنازلوا عن الكثير في سبيل السلام. أما الإسرائيليون فلم يعطوا سوى القليل من أجل السلام، ونثروا أشواكاً من الحيل والشروط والتحفظات احباطاً له!

- اليوم، هاهو حائط القهر العنصري يتحدى مشاعرهم ليلاً نهاراً، وها هي مشاريع الاستطيان تُقام على أشلاء كرامتهم وذكرياتهم وأحلامهم!

- مساكين نحن العرب ومعنا الفلسطينيون، فقد بات نزيف جرح فلسطين أعظم من حجم تضحيتنا وصبرنا ونضالنا معاً من أجله!

- مساكين نحن العرب ومعنا الفلسطينيون.. لأننا رغم فداحة الحمل، وقهر السنين، لم نزل عاجزين عن بلوغ السلام الذي نريده، لا الذي (يراد) لنا، لم نزل نعاني عقدة (قصير) الذي لا يطاع له أمر ولا نهي، في الوقت الذي يعربد فيه مستوطنو إسرائيل وجنودها.. وقياداتها تحت سمع العالم وبصره!

- ثم يأتي (لغز) الانقسام الفلسطيني - الفلسطيني الغريب العجيب، ليزداد الجرح إيلاماً، ويتنامى به الشامتون بنا شماتة، ويمعن المشفقون علينا إشفاقاً!

- رباه.. هل بيتنا نحن العرب.. ومعنا الفلسطينيون، على شفا جرف الهاوية بلا حق ولا مصير ولا سلام؟!

(2)

مشهدنا الثقافي.. إلى أين؟

- يعيش مشهدنا الثقافي العربي (مخاضاً) صعباً يحاول فاعلوه ضبط إيقاعه بين سكون (الثابت) وديناميكية (المتحول): أفكاراً ومواقفَ ورؤى.

هناك بلا ريب رياح من التغيير تهب من كل اتجاه، يودّ بعض أصحابها لو يكون (بديلاً) لبعض ما هو ثابت، بحجة أن (التغيير) سمة العصر وسلطته وسلطانه، وأن (الثبات) مع التغيير النافع خير من الانكفاء المطلق على (المألوف)!

- بعض الغيورين على ثبات (الثابت) في المشهد الثقافي.. لا يغذون السير بحثا عن صيغ (يتصالحون) بها مع زمنهم المتغير، ولا يشحذون القرائح صداً للغلو في الحفاظ على الثابت من المواقف!

- انه مخاض صعب ولا ريب والأمل يكمن في بلوغ نهاية قد لا تحسم الانقسام بين الفريقين، ولكنها تؤسس ل(مصالحة) يتعايش في ظلها الغيورون على (الثابت) مع المتحمسين للتغيير وصولاً إلى شيء من توازن.. قد لا يرضي كل الناس، لكنه في حده الأدنى يحفظ لكل من الفريقين حقه في التعبير عن نفسه ابتغاء الارتقاء للأصلح!



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد