خلاخل والبلى من داخل، مثل شعبي قديم، حيث كانت النساء يلبسن الخلاخل، وهي عبارة عن حلية تضعها المرأة في أسفل ساقها، فتجد بعضهن تلبس هذه الخلاخل، لتجمل سيقانها وهي خالية من الجمال، فالذي ينظر إليها يرى خلاخل، ولكنها في الحقيقة بلاء من داخل -على ذمة صاحب المثل- وهو مثل يدخل في دائرته كثير من الناس، وعدد من القنوات، وكم هائل من المنتديات، فالفتاة أو المرأة التي تجمل ما يبديه نقابها، وما يظهر للناس (مكياج السوق) لتفتن مرضى القلوب من رواد الأسواق، ولتضحك على بعض الباعة، لتحظى بالسعر المناسب، فما هي إلا خلاخل والبلى من داخل، وكذلك المعلمة التي تخرج إلى عملها بأبهى زينه، وأجمل حلية، فتراها متناسقة الألوان، متزينة ابتداء من حذائها وانتهاء بمفرق رأسها، ولكن أدخل في بيتها بعدما تخرج إلى عملها، تجد فيه شبه من حراج الخردة، ملابس مبعثرة، أوانٍ متسخة، أثاث غير مرتب، فماهي إلا خلاخل والبلى من داخل، كذلك بعض الموظفين، تجده يركب سيارة فارهة، ويلبس الألبسة الثمينة (أحدث بصمة) ولا يتأخر عن دفع أجار الاستراحة مع الشلة، لكي لا يطردونه، وهو مثقل بالديون، وعليه عدد من الأقساط المتأخرة، بل تجده يتبرع لشلته بنقل عامل الاستراحة ذهاباً وإياباً، ولكن زوجته لا تجد من يقضي حوائجها، ولا من يوصلها إذا أرادت المستشفى، أو السوق، سوى البنقالي (أبو عشرة) صاحب المشوار المعروف، تركب معه لوحدها على سيارته الخاصة المتهالكة، مضللة النوافذ، فصاحبنا من ربع خلاخل والبلى من داخل.
وهذا المثل حتى على مستوى بعض القنوات والمواقع الإلكترونية، فتجد مثلاً قناة تدعي الإصلاح والحرص على مصالح الناس، وتبدي غيرتها على الدين وعلى مصالح المسلمين، وهي إلى الإفساد أقرب، لأنها تعمل على تفريق كلمة المسلمين، وتشتيت وحدتهم، وتحرض على ما لا يرضاه الله -عز وجل- ومبدأها غرس الأحقاد والفرقة، فهي قناة ولكن حقيقتها خلاخل والبلى من داخل، وكذلك بعض المواقع، التي تدس السم بالعسل، وتعرض الفحم على أنه شحم، بتنميق العبارات، وتذويق الجمل، وتزيين الصفحات، لتخدع السذج من الناس، وما هي إلا خلاخل والبلاوي من داخل.
وكذلك بعض المسؤولين، عندما يمثلون بين يدي مسؤولين أكبر منهم، فيظهرون الجميل ويسترون القبيح، ويبدون الحرص والتضحية، ويذكرون الإنجازات ويخفون المهملات، ليثنى عليهم، ويسلموا من الملامة، هم -والله العظيم- خلاخل والبلاوي من داخل.
فحقاً إنه مثل عجيب يحكي واقعاً مريراً، أسأل الله أن يجعل من ابتدعه -إن كان مسلماً- في جنات النعيم.
* حائل