Al Jazirah NewsPaper Friday  14/05/2010 G Issue 13742
الجمعة 30 جمادى الأول 1431   العدد  13742
 
رياض الفكر
التعريف بالإسلام
سلمان بن محمد العُمري

 

مازالت التقارير والدراسات والإحصاءات المختصة تؤكد أن الجهل بالإسلام لدى المجتمعات غير الإسلامية هو الشائع، مما يؤدي إلى صدور أحكام غير صحيحة عنه تولدت من المتحيزين ضده.

وقد بدأ المهتمون بهذه الدراسات منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وهي تصدر بصفة دورية، وكنا نتوقع أن يقوم المعنيون بالأمر في العالم الإسلامي من مؤسسات دينية، وجامعات، أو مؤسسات، ومنظمات شعبية غير رسمية، بالتعريف بالإسلام، واستخدام وسائل التقنية الحديثة في إيصال المعلومات، أو عبر النخب الثقافية والعلمية في الإعلام، والجامعات، ومراكز الثقافة والبحوث والفكر، ولكن شيئاً من ذلك لم يتم، أو بالأصح لم يتم بالصورة المنشودة.. فهناك جهود قليلة، ومحاولات خجولة، وفي نطاق ضيق، ولم يكتب أيضاً للجهود القليلة المبعثرة أن توحد، ويتم التنسيق بينها.

ومن أحدث الدراسات والتقارير المعنية بهذا الموضوع، تقرير مركز «غالوب» الأمريكي حول موقف مواطني الولايات المتحدة من الأديان، وما تمخضت عنه الدراسات والإحصاءات بأن (63%) لا يعرفون عن الإسلام شيئاً، في حين أن (43%) منهم أي من عينة الدراسة متحيزون ضده، وهذا التحيز وبكل تأكيد نتج عن الجهل بالإسلام.

وهذه الدراسة التي أجريت في الولايات المتحدة الأمريكية لو عمل مثلها في بلدان أخرى في المشرق والمغرب، في الصين واليابان شرقاً، وفي البرازيل والأرجنتين غرباً، ومروراً ببعض الدول الأوروبية، فإن المحصلة واحدة، والنتائج متقاربة، جهلاً بالإسلام، ومن ثم إصدار أحكام جائرة عليه.

وعقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر نشطت مؤسسات ومراكز ووسائل إعلام غربية لتأكيد الصور المغلوطة عن الإسلام، ووصفه بالإرهاب والقسوة والعدوانية، وتأكيد الخوف من الإسلام، وتعزيز وتفعيل ما يعرف ب»الإسلام فوبيا» أي الخوف من الإسلام، حتى أصبح الخوف منه ظاهرة تنتشر في معظم أنحاء العالم، وفي مقابل النشاط المحموم، والحملة المسعورة على الإسلام، وما يؤكدها من حماقات وجهالة بعض المنتسبين إلى الإسلام في سلوكهم المشين، يأتي أمر آخر، وهو تقصير العالم الإسلامي برمته في تصحيح الصورة المغلوطة عن الإسلام، وفشل برامج مؤسساته في الذود عنه، والتعريف به.

وأتمنى وهذا واجب على جميع المسلمين لدعوة الناس للإسلام، وليس فقط التعريف به والدفاع عنه أن يبادروا إلى أعمال وخطط استراتيجية طويلة وقصيرة المدى للتعريف بالإسلام، والدعوة إليه، وبيان محاسن الإسلام، وأنه رحمة للعالمين، وما في الإسلام من أوامر وتعليمات تحض على الإخاء والسلم وتحريم الظلم، وكرامة الإنسان، ولن يتأتى ذلك ببرامج «سلق البيض»، وإذا ما أردنا العمل في هذا المضمار فإننا بحاجة إلى عمل منظم ومؤسسي، وبعيد عن الارتجال والسطحية، ويمكن الأخذ في الاعتبار ببعض العناصر الواجب توفرها.. ومنها:

- أن يكون العمل جماعياً، فلا يقتصر على بلد مسلم أو مؤسسة بعينها، ولابد من التنسيق في هذا المجال، وأن تتولى مؤسسة أو مؤسسات إسلامية مهمة التنسيق والمتابعة.

- أن تكون جميع الأعمال مبنية على دراسات مسبقة للمجتمع المراد العمل فيه، فما يصلح في اليابان لا يصلح في الولايات المتحدة الأمريكية.

- اختيار اللغة المناسبة، والفكر المناسب؛ فالأسلوب الخطابي الذي نستخدمه فيما بيننا قد لا يتناسب والآخرين.

- تفعيل دور المراكز الإسلامية، والجاليات المسلمة، لا بالعمل والدعوة فقط، بل في السلوك الحسن، والتمسك بأخلاق الإسلام، وتطبيق مفهوم القدوة الحسنة.

- الاستفادة من التقنية الحديثة في وسائل الاتصال والإعلام من فضائيات وإنترنت، في إيصال المعلومة بأقل وقت، وأقل جهد وتكلفة.

- الحضور الإعلامي المناسب، والمداخلات المناسبة الجيدة، والمنضبطة غير المنفعلة.

- استخدام مفهوم القوة الناعمة في القيم والأخلاق.

وديننا - ولله الحمد - فيه ما يغنينا عن التزلف والتزوير والكذب، لقد أشرت في مقالة سابقة إلى إسلام شخصيتين معاديتين للإسلام سابقاً في سويسرا وبريطانيا، بل كانا يتصديان بحملات وأعمال رسمية وشخصية للإسلام، حتى إذا ما قرؤوا عنه جيداً تحولت هذه العداوة إلى الجانب الآخر، الاعتناق والحب والإسلام، والانتقال إلى خندق المحبة والدفاع عنه، وحال هؤلاء هو حال الكثير من المعادين للإسلام فإن الإنسان بطبعه عدو لما يجهله.



alomari 1420 @ yahoo.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد