الجزيرة - عبدالله البراك
أكد محلل اقتصادي أن معدل التضخم الذي تشهده الصين حالياً سيؤثر سلباً على المملكة؛ حيث إن الصين تحتل المرتبة الثالثة بين الدول المصدرة للمملكة كما أنها أكبر مستورد للنفط في الاقتصادات الناشئة وهو ماسينتج عنه ارتفاع في أسعار السلع الصينية التي تستوردها المملكة ويعتمد رد الفعل على مرونة الطلب على هذه السلع وعلى تعافي الاقتصادات الغربية، وقال الدكتور صالح السلطان: إن التضخم الصيني قد يصل إلى الشركاء التجاريين كأمريكا ودول الخليج وهذا يعني ارتفاع تكاليف السلع التامة الصنع بالنظر إلى الأوضاع الصعبة التي تمر بها العديد من الدول الصناعية فاقتصاداتها لا تزال تحت تأثير الأزمة المالية العالمية، ولكن في النهاية لا مناص من تحمل المستوردين ومنهم المملكة لجزء من هذا التضخم ، وهذا يعني أن نتوقع تراجعاً ولو بسيطاً في نسبة التصدير الصيني، وقال الدكتور السلطان: إنه مع ارتفاع معدل التضخم في الصين والذي فاق توقعات المحللين فإن الصين من أسرع الدول تعافياً من الأزمة العالمية إن لم تكن الأولى بذلك؛ حيث شهدت الشهور الماضية ارتفاعاً حاداً في الصادرات والواردات، كما أنها حققت نمواً اقتصادياً مرتفعاً للغاية قارب 10% على أساس سنوي، وفي ظل هذه الظروف لابد من توقع موجة تضخم. فالازدهار القوي الذي تشهده العديد من الدول النامية، وخاصة الصين والهند يسهم في ارتفاع مستوى المعيشة في هذه الدول، والذي من صوره ارتفاع الإنفاق الاستهلاكي والاستثماري، والذي أدى بدوره إلى شدة الطلب على السلع، وعلى المساكن والخدمات عموماً.
وكل هذا أدى إلى ارتفاع حاد بالأسعار، وبسؤاله عن أن الوقت قد حان لحصاد سلبيات النمو الاقتصادي الكبير الذي عاشته الصين أجاب السلطان: أن الازدهار والتوظيف الكامل يعني وجود عجز في اليد العاملة، وهذا العجز يحد من التوسع في الإنتاج (أي العرض)، مما يوجد ضغوطات تضخمية قد تصل إلى حدود تعد عالية جداً بالنسبة لما تعود عليه الناس، وربما كانت عبارة الاقتصادي الشهير آرثر أوكن هي خير معبر عن هذا الأمر العضال(إن محاولة الجمع بين الازدهار واستقرار الأسعار مشكلة في الأداء الاقتصادي وهي مشكلة كبرى عصية على الحل)، وأوضح: نلاحظ أن الصين تمر منذ شهور بتصاعد حاد في أسعار العقارات، ويرى عدد كبير من المحللين المتابعين للشأن الصيني أن الصين تشهد تكوين فقاعة عقارية باتت قريبة الانفجار وكذلك وجود حركة إقراض كبيرة، وتقول الأخبار: إن البنوك (في الصين) قدمت نحو 100 مليار دولار شهرياً خلال الشهور الماضية. وهو ما يسهم في رفع السيولة وجذب الطلب بقوة إلى أعلى، ولا ننسى أن الحكومة الصينية قد تبنت العام الماضي حزمة حوافز تقدر بنحو 600 مليار دولار وأشار السلطان إلى أن الصين بدأت مؤخراً في الحد من الإقراض المصرفي، ولكن المبالغ الهائلة في السوق تجعل هذه المحاولة مثل محاولة إعادة المارد إلى الزجاجة فالسيولة في النظام المصرفي لن تختفي ببساطة. وبين الدكتور صالح أن هناك تحليلات تفيد بأن عودة التضخم جزئياً بعد الأزمة المالية العالمية جاء ثمرة فترة طويلة من الاتجاهات الصاعدة في السوق الصينية. فمثلاً حفزت حركة التصنيع على هجرة ملايين الصينيين من المناطق الريفية إلى المدن.
وأصبحت الصين أكبر دولة مصدرة في العالم العام الماضي؛ حيث وجدت طبقة وسطى كبيرة في المدن الكبيرة، وهو ما يعني ارتفاع متوسط الأجور، والذي بدوره يعني رفع أسعار السلع والخدمات من قبل المنشآت لتغطية التكاليف والحصول على معدل مجزٍ من الأرباح، كما أن الصين مولت فتح آلاف المصانع، واستفادت من رخص اليد العاملة فيها نسبياً من أجل التربع على عرش التصدير الصناعي عالمياً. ونتج من حركة التصنيع الهائلة تزايد الطلب على المواد الخام والطاقة مما رفع أسعارها بحدة محلياً وعالمياً.