يقول العلماء:

1) إن التعزية مأخوذة من التقوية، فأصل التعزية التقوية.. أي أنه يجب على من يعزي المصاب أن يقويه، ويشد من أزره، ويذكره بالله سبحانه وتعالى، وبأن الدنيا فانية، وبأن هذا هو درب الجميع، وأنها سنة الله في خلقه..

قال تعالى: (وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ..)، و(كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ).

أما بعضهم فيزيد حزنه حزناً فتجده يعانقه، ويقبّله ويضمه ويحتضنه.. مما يوحي بأنك أصبت بمصيبة عظمى، وفجيعة كبرى!! فهي وإن كانت حقيقة إلا أنها تستجيش معها أحزان المصاب في أصلها، ويذكر قريبه المتوفى.. وللإحاطة فكل ما سأذكره من معلومات لا تتعدى فتاوى هيئة كبار العلماء أو ابن باز، أو ابن عثيمين رحمهما الله..

2) يقال: (المتوفى) بالألف وليس كما يسميه البعض (المتوفي) بالياء!! حتى أن بعضهم سأل ذات مرة وهو فزع مستعجل يقول: (أين المتوفي؟ أين المتوفي؟)؛ فرد عليه أحدهم: (المتوفي هو الله)!! لأن الله هو الذي يتوفى الأنفس عند موتها كما قال جلّ شأنه عن نفسه المقدسة، أما الميت فهو المتوفى وليس المتوفي!!

3) أما عن سبب تسمية الوفاة وفاة فقد قال العلماء: لأن المرء استوفى أيامه التي قدر الله له في هذه الحياة!! قال تعالى: (فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ).

فالتعزية للمصاب يجب أن تكون مقوية معززة.. أما بعضهم فيعزي مجرد أداء، أو تحلة قسم، أو عادة وليست عبادة!!

4) المفترض أن تجبر بخاطر المصاب، وتقول له كما أرشدك الذي لا ينطق عن الهوى حين قال: (لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى).. أو (آجرك الله في مصيبتك وعظّم أجرك، اللهم اغفر لفلان وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه في الغابرين).. وهكذا.

5) أما تقبيل المعزى فقد أفتى العلماء الكبار بأنه ليس له أصل في الشريعة بل يكتفى بالمصافحة إلا إن كان قادماً من سفر وهكذا.. خصوصاً أن المصاب كما هو على اسمه مصاب، فليس بحاجة إلى مصيبة أخرى، وهي كثرة التقبيل التي تنهكه، وهو مُنهك أصلاً، ولا تكاد تحمله قدماه.. ولا سيما بعد الدفن والإجهاد والتعب والغبار يبدأ الناس يمسكون (طوابير) على المعُزى!! فتنظر إليه وقد أعياه الجهد، وأضناه النصب واعتراه العرق.. وربما أن بعضهم قد عزّاه بالهاتف أو عزّاه قبل الدفن لكن يريد أن يعود مجاملة.. والعلماء يقولون: ليس للعزاء وقت محدد، وتخصيصه بعد الدفن خلاف المشروع.

6) ولا يحد (بثلاثة) أيام أيضاً!! فحده ما دام المصاب يحتاج إلى تعزية وتقوية فيعزى!! ولو بعد زمن طويل!! قاله الشيخ ابن باز في الفتاوى.

7) وعلى عكس ذلك أيضاً أضف إلى معلوماتك أن العلماء يقولون: من مات له قريب أو زميل أو جار ولم يصب به ولم يتأثر فليس هناك حاجة لتعزيته!!

فالتعزية منوطة بالتأثر والحزن والوجد.. إلخ.. قاله الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: توفيت أمي ووالدي.. ولم أجلس في مسجد أو منزل لانتظار المعزين.. إن صادفوني في سوق أو مسجد أو طريق.. فالحمد لله وإلا فلا!! وقال الشيخ ابن باز: لا بأس أن يمكث في بيته لانتظار القادمين للعزاء.

8) قول بعض الناس للحضور: (حللوا أخاكم أبيحوه) لا أصل له إلا إن كان ظالماً لهم فلا بأس، وإلا فيقتصر على طلب الدعاء والاستغفار.

9) أما الجلوس على القبور فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: (ولئن يجلس أحدكم على جمرة حتى تخرق ثيابه وتنفذ إلى جسده خير له من أن يجلس على قبر..).

10) أما السفر من أجل العزاء فلا بأس به.

11) ولا بأس بتعزية القريب إذا كان (كافراً) كدعوة له للإسلام أو كفاً لشره، شرط أن لا يدعو له بالرحمة والمغفرة.

12) وعن حكم التعزية فهو سنة لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبة إلا كساه الله عزَّ وجلَّ حلل الكرامة يوم القيامة).

13) أما النياحة والندب على الميت، وهي تعداد محاسن الميت، ورفع الصوت بتعديد شمائله ومحاسن أفعاله؛ فهما حرام للفاعل والمستمع؛ لما ورد عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه لعن النائحة والمستنيحة.

14) أما تقديم الهدايا للمصابين مع العزاء فلا بأس به وكل ما يدخل السرور عليهم كتنازل عن ديونه وتسديدها وهكذا.

15) لا بأس أن تصلي النساء على الجنائز.

16) الراجح أنه لا يصلي على الغائب إلا مَن لم يُصلَّ عليه.

17) الأصل أن يدفن الميت في بلده إلا إن خشي ضرر فيجوز نقله لبلد آخر.

18) رفع الصوت بالدعاء والتهليل أثناء المشي بالجنازة بدعة منكرة.

19) لا يجوز أن يقال للميت: (المرحوم) أو المغفور له، بل غفر الله له أو رحمه الله.

20) المنتحر يغسل ويصلى عليه، ويتخلى عنه ذوو الشأن في بلده زجراً لأمثاله بهذا العمل.

متَّع الله أحياءنا متاعاً حسناً إلى أجل مسمى، وغفر الله لأمواتنا، وأسكنهم فسيح جناته.