المسابقات الرياضية وخصوصاً في الألعاب الجماهيرية، يهدف من وراء تنظيمها إلى رفع المستوى الفني للفرق والأندية وحتى المنتخبات الوطنية. كما أن تلك المسابقات إذا ما أُقيمت والتزم منظموها والمشاركون بها بالروح الرياضية التي تزخر بها أدبيات الرياضيين وتمسكوا بالأنظمة واللوائح، فإنها تسهم في تمتين روابط الصداقة والأخوة خاصة بين أبناء المنطقة الواحدة، وهو ما تحقق الكثير منه في منطقة الخليج العربي، إلا أنه وفي الوقت نفسه أوجد سلبيات أحدث شروخاً في العلاقات ما بين أبناء الخليج العربي.
قبل قيام مجلس التعاون في أوائل السبعينيات من القرن الميلادي الماضي، انطلقت دورات الخليج العربي باقتراح من الأمير خالد الفيصل، وبمبادرة مشتركة مع مملكة البحرين انطلقت الدورة وأقيمت في البحرين أولاً ثم المملكة وبعدها الكويت. وبعد أن مرت مباريات الدورة الأولى في البحرين في سلام، بدأت أولى شرارات الاحتقان في الرياض، حينما اشتد التنافس بين فريقي كرة القدم السعودي والكويتي، وكان الفريق البحريني «البيضة المرجحة» فمن يسجل في مرماه أكثر الأهداف يكون البطل، إلا أن البحرين لم يكمل مباراته مع السعودية، ليسجل أول أسفين في «الأخوة الكروية الخليجية».
في الكويت وفي الدورة الثالثة اشتعلت المواجهة أكثر، وكادت الأخوة الخليجية تكون ضحية أقدام لاعبي كرة القدم، إلا أن الأمر تم تداركه. وظلت دورات الخليج تقام، وتستنزف كثيراً من الروابط والأخوة الخليجية، وعلى عكس ما كان مأمولاً فقد أصبح التنافس الخليجي تناحراً وليس تنافساً رغم كل الأقوال الجميلة والنوايا الطيبة..!!
ولكن يجب الحديث أيضاً عن النصف المملوء بالمنجزات في مسيرة دورات الخليج لكرة القدم، إذ رفعت تلك الدورات المستوى الفني وارتقت بكرة القدم بدول الخليج العربية. ويمكن القول بأن دورات الخليج لكرة القدم وتصاعد التنافس رغم شدته أدى إلى تطور المستوى الكروي وارتقى بكرة القدم الخليجية إلى مستويات نظيراتها العربية إن لم يكن أعلى، وهذا ما شجع المسؤولين الرياضيين في دول مجلس التعاون بعد تشكل المجلس إلى توسيع اللقاءات والأنشطة الرياضية، فأضيفت لعبات رياضية أخرى ونُظمت بطولات للأندية الخليجية لكرة القدم والسلة والطائرة، إلا أن إشكاليات التنافس نفسها التي شهدتها بطولات دورات الخليج العربية تكررت في بطولات الأندية الخليجية التي افتقرت إلى لوائح وأنظمة واضحة واقتصرت على الجهود الفردية والنوايا الخليجية، فكانت عرضة لأهواء اللجان، مما أوجد كثيراً من الإشكالات التي نالت من (الأخوة الخليجية). وهذا ما عجل بوقف مشاركات الأندية السعودية في مثل هذه المسابقات التي حققت أهدافها فنياً، وأخذت تستهلك وتقضم العلاقات الخليجية. وهذا ما يجعل قرار اتحاد كرة القدم السعودي، قراراً صائباً بالنسبة لوقف الاشتراك في بطولات الأندية الخليجية، واعتبار قرار مشاركة المنتخب الأولمبي السعودي في دورة الخليج قراراً يمهد لوقف الاشتراك في بطولة أدت غرضها مع استمرار سلبياتها الأخرى.
jaser@al-jazirah.com.sa