(الجزيرة) - الرياض
أكد أمين عام جائزة خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز العالمية للترجمة الدكتور سعيد بن فايز السعيد نجاح الجائزة منذ انطلاقها في استقطاب خيرة المترجمين في العالم، وتشجيعهم على الارتقاء بمستوى الأعمال المترجمة، والالتزام بحقوق الملكية الفكرية سعيًا لنيل شرف الترشيح لها، والتنافس على الفوز بها. مشيرًا إلى أن دقة المعايير الخاصة بتحكيم الأعمال التي يتم ترشيحها للجائزة لا تسمح بوجود الترجمات الضعيفة في مضمونها أو لغتها.
وأضاف الدكتور السعيد في حوار للجزيرة بمناسبة حفل تسليم الجائزة في دورتها الثالثة، أن موافقته الكريمة على إقامة حفل تسليمها بمقر منظمة اليونسكو، تجسد عمق رؤيته -يحفظه الله- للترجمة باعتبارها وسيلة للارتقاء الفكري والعلمي، والاستفادة من النتاج المعرفي في خدمة الإنسانية جمعاء، وتعزيز فرص الحوار بين الحضارات، والبحث عن القواسم المشتركة الداعية إلى السلام، مؤكدًا أن ترحيب منظمة اليونسكو باستضافة الحفل يمثل استجابة دولية لعالمية الجائزة، وتقديرًا لنبل أهدافها. يلي تفاصيل الحوار:
بداية نسأل عن رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للجائزة، منذ انطلاقها، وما تمثله لهذا المشروع الثقافي المهم؟
- الجائزة نشأت وانبثقت فكرتها من رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- نحو الترجمة، باعتبارها إحدى الوسائل المحققة لتطلعاته، وتطلعات كل فرد من أبناء المملكة العربية السعودية بشكل خاص، والوطن العربي بشكل عام نحو الارتقاء الفكري والعلمي، من خلال الاطلاع على مكتسبات ومعارف الآخرين، والاستفادة منها، وتطويرها لخدمة الإنسانية جمعاء، كما أن الترجمة وسيلة من وسائل الحوار الفكري والثقافي الذي يسهم في معرفة الآخر، وتقريب وجهات النظر، والبحث عن القواسم المشتركة الداعية إلى السلام والإخاء بين بني البشر، ومن هنا نجد الاهتمام الكبير من خادم الحرمين الشريفين لهذه الجائزة، ومنحها كل ما يساعدها على تحقيق أهدافها السامية.
وماذا تقولون عن جهود مكتبة الملك عبدالعزيز العامة في الإشراف على الجائزة في جميع مراحلها؟
- مكتبة الملك عبدالعزيز العامة -وعبر مسيرتها منذ تأسيسها عام 1407هـ بأمر من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ورعايته لكل شؤونها، وبإشراف من معالي الأستاذ فيصل بن معمر- تعنى بخدمة العلم والمعرفة والباحثين والطلاب، وإثراء الحراك الثقافي عبر الندوات والمؤتمرات العلمية والتأليف والترجمة، وبالتالي ليس غريبًا أن تقف إلى جانب هذه الجائزة العالمية في الدعم والإشراف والرعاية، لاسيما وأن كلاً من المكتبة والجائزة ثمرة من ثمار حكمة وبصيرة خادم الحرمين الشريفين -يحفظه الله-.
في الاحتفال بتسليم جائزة خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز العالمية للترجمة في دورتها الثالثة، هل ثمة مؤشرات على نجاح الجائزة في النهوض بمستوى الترجمة من وإلى اللغة العربية؟
- الجائزة تحقق نموًا وتطورًا عامًا بعد آخر، وتؤثر بشكل جيد في حركة الترجمة، وتنبيه المترجمين إلى أهمية تجويد ترجماتهم والارتقاء بها، وفق معايير علمية تضمن سلامتها لغةً ومضمونًا وقانونيًا وقانونًا، وأعتقد أن هذا العنصر وحده كاف لإظهار أثر الجائزة على حركة الترجمة؛ فهناك جائزة عالمية تحمل اسم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وتقدم جوائز سخية للمتميزين من المترجمين، وبالتالي سيعمل كل مترجم على تجويد عمله والارتقاء بمستواه؛ بغية نيل هذه الجائزة العالمية، وبما ينعكس على فعل الترجمة مبنى ومعنى وكمًا وكيفًا.
ما دلالات إقامة حفل تسليم الجائزة في مقر اليونسكو بباريس؟ وما يمثله ذلك من ترسيخ لعالميتها؟
- هي استجابة لعالمية الجائزة وأبعادها العابرة للقارات، فهي جائزة تخاطب جميع المترجمين في جميع أنحاء العالم، وبما أنّ منظمة اليونسكو بيت للثقافات العالمية، رأت أمانة الجائزة وبمساندة من إدارة مكتبة الملك عبدالعزيز العامة الرفع لمقام خادم الحرمين الشريفين، ملتمسة الموافقة على إقامة حفل توزيع الجائزة في منظمة اليونسكو، وجاءت الموافقة فورية وداعمة لرؤية الجائزة نحو التواصل الحضاري والثقافي والتبادل المعرفي.
من الملاحظ وجود تراجع في عدد الأعمال التي تقدمت للجائزة في دورتها الثالثة «118» مقارنةً بالدورة الأولى والثانية. بما تفسرون ذلك؟ وهل يتطلب الأمر تكثيف جهود التعريف بالجائزة؟
- التعريف بالجائزة ودعوة المترجمين الأفراد والمؤسسات إلى المشاركة في الترشيح والتنافس على نيل الجائزة في مجالاتها الخمس، ركن أساسي لدى الجائزة وهو في تنام مستمر؛ فمثلاً خلال الدورة الماضية «الثالثة» تمكنت الجائزة من التواصل مباشرة مع ما يزيد على واحد وثلاثين ألف مترجم ومترجمة من جميع أنحاء العالم، هذا فضلاً على المراسلات البريدية مع الجامعات والمراكز البحثية داخل المملكة العربية السعودية وخارجها عربيًا ودوليًا، وصحيح أن الترشيحات الواردة تأخذ اتجاها متناقصًا من حيث الكم غير أنها من حيث الكيف في تنامٍ ملحوظ، فالمشاركون أصبحوا مدركين أن الترجمات الضعيفة، أو ذات الموضوعات الهزيلة أو المتعارضة مع حقوق الملكية الفكرية لن يكون لها نصيب من هذه الجائزة، فبالتالي لا يتقدم إلى الجائزة إلا عمل مستحق للمنافسة، وفقًا لشروط الجائزة المعلنة.
تسعى الجائزة ضمن أهدافها إلى تشجيع حركة الترجمة في مجال العلوم الطبيعية إلى اللغة العربية، فكيف ترون أثرها في هذا الجانب من خلال الأعمال الفائزة بالجائزة هذا العام والأعوام السابقة؟
- تحظى الترجمة في مجال العلوم الطبيعية بذات الاهتمام الذي توليه الجائزة للترجمة في مجال العلوم الإنسانية، فهما حقلان أو مساران علميان، يغذيان الإنسان بالعلم والمعرفة للأشياء المحيطة به، وبما أن إنتاج المعرفة في العلوم الطبيعية في أوطاننا العربية يأتي في مرتبة أقل عنه من العلوم الإنسانية؛ لزم إعادة الاعتبار إلى هذا الحقل من العلوم؛ نظير فوائده والحاجة الماسة إلى أبحاثه ونتائجه، وهو ما تسعى الجائزة إلى تحقيقه.
للعام الثاني على التوالي يتم حجب جائزة الترجمة في مجال العلوم الطبيعية من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى.. فهل يعد ذلك مؤشرًا على تراجع النتاج العلمي العربي، أو ضعف حركة الترجمة في هذا المجال؟
- الحقيقة أن الإنتاج العربي في هذا المجال ضعيف أصلاً، وتبتغي الجائزة من تخصيص جائزة لهذا الفرع إلى تشجيع هذا النوع من الترجمة، وإلى تحقيق مكاسب متوازية من خلال دعم التأليف في العلوم الطبيعية باللغة العربية أولاً، ومن ثم ترجمتها إلى اللغات المختلفة ثانيًا، وبما يحقق رؤية الجائزة في توطين المعرفة.
وماذا عن حجب جائزة العلوم الإنسانية من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى هذا العام.. وحيثيات هذا القرار؟ وما المعايير التي يجب توافرها في الأعمال المرشحة؟
- الارتقاء بمستوى الترجمة، والتأكيد على أهمية تجويد العمل المترجم غايات تسعى الجائزة إلى تحققها، ولفت الانتباه نحوها، وذلك الارتقاء بالمستوى لا يأت إلا من خلال الالتزام بمعايير الجودة موضوعًا ومضمونًا، وفي حال كان تمثُّل الأعمال المتنافسة لتلك المعايير لا يرتقي إلى المستوى المأمول؛ فإن الجائزة لا تمانع من حجب الجائزة في أي فرع من فروعها.
وماذا عن حيثيات اختيار المكرمين في الدورة الثالثة للجائزة؟
- اختيار المكرمين للجائزة يأتي استجابة لأهداف الجائزة في إثراء حركة الترجمة وتكريم المترجمين؛ ولهذا فقد قامت الجائزة بتكريم بعض من الشخصيات ذات من ذوي المساهمات الفاعلة في خدمة الترجمة من وإلى اللغة العربية، ونقل المعرفة، وتحقيق التواصل الثقافي، وفتح أبواب الحوار بين الحضارات.
كيف ترون حجم استفادة المكتبة العربية من الأعمال الفائزة بالجائزة؟ وهل ثمة مقترحات لتعظيم حجم الاستفادة؟
- الاستفادة متنامية وستظل كذلك، فالأعمال الفائزة تمثل مرحلة عليا من مراحل الإنتاج العلمي المتميز؛ فاللغة سليمة والعبارات واضحة متسقة مع العمل الأصل الذي يتمتع بمضمون حيوي، يناقش موضوعات مهمة، ويطرح أفكارًا جديدة، فمثل هذه الأعمال ترفع قيمة وحجم الاستفادة من المكتبة العربية.
ما موقع حقوق الملكية الفكرية في معايير تقييم الأعمال المرشحة للجائزة؟
- يحتل الالتزام بحقوق الملكية الفكرية موقعًا مفصليًا في قبول الترشيح من عدمه، فلا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتجاوز عمل لم يرفق به ما يؤكد سلامة الجانب القانوني، والتزامه بحقوق الملكية الفكرية من جانب مؤلف العمل الأصل، أو مالك حقوق نشره.
من الملاحظ أن الأعمال الفائزة في الدورة الثالثة تقتصر على اللغتين الإنجليزية والفرنسية.. فهل ثمة تفسير علمي لذلك؟
- خلال هذه الدورة الثالثة تقدم إلى الجائزة مئة وثمانية عشر ترشيحًا تمثل ثلاث عشرة لغةً، ويحدد اللغة المعنى غير متسق مستوى العمل الفائز بالجائزة؛ فاللجان العلمية لا تتدخل في تحديد لغة ما، وإنما الحد الفاصل في ذلك هو جودة العمل المترجم أيًا كانت لغته.