الحزن.. ذلك الشعور الدفين في أعماق كل منا،
|
تختلف مسبباته من شخص لآخر، يتغلغل في ثنايا النفس.
|
حينما يتوغل الحزن، تصبح الحياة بلا معنى، نتمنى أن نغادرها، لنلحق بأولئك الذين غادروها ولم يغادرونا.
|
ليس للأحزان دواء إلا الصبر والدهر... تمضي الأيام.. تتوالى تباعا.. وكل يوم يمر، يبعد الشقّة بيننا وبين ذاك الحزن، وشيئا فشيئا يصبح ذكرى... تضاف إلى أكوام الذكريات الحزينة، وبعد أن نظن أننا نسينا، وتغلبنا على ذاك الشعور المرير، وتلك اللوعة التي يكاد يتفطر لها القلب، فإذا بذاك البركان الخامد تثور ثائرته جراء كلمة حزينة، يوقظه من سباته مشهد بائس.
|
أي نسيان هذا الذي يصاب بالنكوص جراء لحن حزين، فيجتاحنا عن آخرنا ما نزعم أن نسيناه، وتصل بنا لحظة الحزن منتهاها.
|
أحيانا نشعر بحزن لا سبب له، وكأنه مرسوم بملامح الوجدان، تنتابنا لحظات اكتئاب مفاجئة،
|
ولسان حالنا كما يقول البردوني:
|
|
حار السؤالُ، وأطرق المستفهمُ
|
بي من جراح الروح ما أدري، وبي
|
أضعاف ما أدري وما أتوهم.)
|
وكأن النفس الإنسانية تميل للحزن أكثر من ميلها للفرح، فنجدها، للحزن طيّعة منقادة، وللفرح عصية، قد يعود السبب لطبيعة الحياة، حيث نعاني الحزن أكثر الأوقات، وكأن الفرح طارئ غريب، وحتى إن زارنا وأطال، نخشاه ونقول اللهم اجعله خيرا، وإن ضحكنا كثيرا نتوقع خبرا مكدرا.
|
أحيانا نعاني الحزن لشعورنا غربة الروح، يعترينا هذا الشعور ويجهزّ علينا من كل ناحية.
|
ما أقسى أن تشعر بالحزن وتجتاحك الغربة، رغم أنك في كنف أسرة كاملة... تشعر... بالصقيع... بالبعد... لكأنك تعيش في منفى، وأنت في ربوع بلادك!
|
لله در الشاعر الذي جسد هذا الإحساس في بيت من الشعر حيث قال:
|
وما تغربت عن أهلي وعن موطني ولكن ينازعني إحساس مغترب
|
عند حلول المساء، وفي هدأة الليل، ووجوم الأشياء، وصحوة الصمت، تشتد سطوة الحزن، فيبلغ حد الذروة ليلا، لكأنه يستفرد بك، ليستحوذ على كل شيء فيك، ولا نملك في تلك الأوقات إلا أن نفيه حقه، لوعة ودموعا وإطراقا وإذعانا، عسى أن يأتي فرح نشيّع بقدومه الأحزان، ولكن هيهات.
|
يؤكد هذا المعنى الشاعر قيس بن ذريح إذ يقول :
|
نهاري نهار الناس حتى إذا دجا |
لي الليل هزتني إليك المضاجع |
أقضي نهاري بالحديث وبالمنى |
وتجمعني، والهم بالليل جامع. |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
أو سلامة قلب على شفا جرف هارٍ
|
نورا العلي |
|