ناجي طالب من السياسيين الوطنيين القلائل الذي يعتمد مبدأ مستقبل الدولة أعلى وأسمى من كراسي الحكم. برز اسمه كقائد ثالث مع قاسم وعارف لحركة الرابع عشر من تموز 1958م، قام بدور الوسيط لحل أزمات حكم حادة بين عبدالكريم قاسم وعبدالسلام عارف وتميزت وزارته الأولى في عهد رئاسة عارف بالانسجام الوطني وبأساسها الخدمي المعتمد على كفاءات التكنوقراط. له مكانة ومساحة واسعة في الاحترام لدى كافة الكتل والائتلافات السياسية الحالية. نقل بنود هذه المبادرة الوطنية الدكتور عدنان الباجه جي وأحمد الجلبي، ويتركز هدفها على تشكيل الوزارة الجديدة بشكل يضمن الشراكة الوطنية بجماعية الحكم وتمثيل حي للوحدة الوطنية وإملاء للفراغ الدستوري الذي يشهده المسرح السياسي حالياً والمليء بالتقاطعات الحادة في التصريحات المعتمدة على تغليب مصلحة الكتلة والحزب على المصلحة العامة، مما يؤثر بصورة مباشرة على الوضع الأمني والسلام الاجتماعي والذي عاش حالة قاسية من القلق والترقب لفوضى أمنية واسعة. تتكون مبادرة (طالب) من ثمانية بنود، أولها تأييد دعوة السيد عمار الحكيم بعقد المائدة المستديرة للكتل الفائزة الأربعة (الائتلاف الوطني - القائمة العراقية - ائتلاف دولة القانون - التحالف الكردستاني) وطرح آرائهم ومقترحاتهم السياسية بوطنية صادقة تهدف لإنشاء دولة عراقية تسعى لتوثيق الوحدة الوطنية وإيضاح الموجه العربي للعراق الجديد مع حفظ حقوق الأقليات والمكونات الأخرى واعتماد الاتحاد الفيدرالي كعلاقة إدارية مع (إقليم كردستان) وتؤكد المبادرة على الاستحقاق الانتخابي للكتلة العراقية ومنح الدكتور إياد علاوي حق البدء في تشكيل الوزارة الجديدة باقتراح أن يتولى السيد نوري المالكي منصب النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء والدكتور عادل عبدالمهدي ممثلاً للائتلاف الوطني منصب نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية مع منح خمس حقائب وزارية خدمية لدولة القانون والائتلاف الوطني واختيار شخصيتين وطنيتين من المستقلين لشغل حقائب الداخلية والدفاع والموافقة على دعم ترشيح جلال الطالباني لفترة ثانية كرئيس للجمهورية، وتخصيص حقائب المالية أو النفط للاتحاد الكردستاني والوزارات الباقية وعلى رأسها الخارجية تكون من حصة العراقية! وتضمن أحد بنود المبادرة، يضم كل القوى الأمنية بوزارة الداخلية وإلغاء وزارة الأمن الوطني، وأن تتفق كل الكتل السياسية على إصدار قرار مشترك يوافق عليه مجلس النواب الجديد بتعديل الدستور وإعادة صياغته.
وتجسيداً للمصالحة الوطنية لابد من إنهاء أعمال هيئة المساءلة والعدالة لتسيس قراراتها وجعلها وسيلة لإقصاء كتل سياسية معينة ومنافسة للتيار الطائفي وباختفاء هذه الهيئة يهدأ الموقف السياسي في الشارع العراقي وباقتراح أن ترافق هذه الجهود السياسية المشتركة لكل الكتل أن تعلن حالة الطوارئ في بغداد الكبرى وتحكم منافذها الخارجية.. هذا الحراك الوطني يدعو إلى إنهاء الأزمة والدعوة الصادقة لبناء الدولة العراقية الجديدة وبمشاركة جماعية من كل ممثلي الشعب العراقي المنتظر بقلق لتشكيل الحكومة الجديدة والتي ستسعى للتغيير في أسلوب حكمها وإدارتها لتحقيق الأمن أولاً ومن ثم تقديم الخدمات الأساسية من كهرباء وماء وصحة وتعليم والتي أصبحت منسية في مخيلة المواطن العراقي الجائع الخائف! لو تحقق مشروع مبادرة (ناجي طالب) هذا ليعطي للعراق وزارة قوية متكاتفة تسعى بكل الجهد لتلافي الوقت الثمين الضائع في حراكات سياسية ماراثونية تنتهي عند صخرة المرشح الوحيد لرئاسة الوزارة. ولتحقق عمقاً ظاهراً بطمر بئر الطائفية والمذهبية والعرقية، وتلون وجه العراق بلون علمه العربي وتعود حركة الاستثمار والأعمار من جديد لتقلص النسبة العالية من البطالة وسد السبل والمسببات لكل خلل أمني متوقع وتحظى أيضا بدعم واحترام كافة دولة الجوار العربية والإسلامية، وتطاع وتنفذ قراراتها في المركز والإقليم، وقد يكون البديل المنطقي والحتمي لعدم الأخذ بها تدخل هيئة الأمم المتحدة لتولي تشكيل الوزارة الجديدة تنفيذاً لقرارات مجلس الأمن وبطلب من القائمة العراقية. خشية استمرار المماطلة السياسية بإصدار قرارات معرقلة للعملية السياسية وموسعة لمسافة الفراغ الأمني والذي يخشى منه فقدان الرقابة على حكومة غير مستقرة والخوف من انفلات أمني -لا سمح الله- يحرق كل هذه الكتل والائتلافات ويزيد من إراقة الدماء العراقية البريئة، إنها دعوة لكل العقلاء من سياسيي العراق أن يسموا بمصالحهم الحزبية الضيقة والعمل من أجل دولة الوطن العراقي لتكن الخيمة التي ستظلهم جميعاً بعيداً عن كل تدخل خارجي طامع بثروة ترابكم الوطني!
محلل سياسي
عضو هيئة الصحفيين السعوديين - جمعية الاقتصاد السعودية