يرفع الناس أيديهم للسماء من أجل أن ينزل الغيث ولا يجعلهم الله من القانطين!، وحين يتواصل هبوط المطر، يدب الحزن والخوف والقلق في مدن بلادي، وليس الخوف من عقوبة أو بلاء، لكنه خوف من البنية التحتية المتواضعة وغير المصانة أو المكتملة البناء، أو تلك سيئة التنفيذ. والمشاكل في كل حالات البنية التحتية متشابهة، سوء التنفيذ، وخطأ كلي أو جزئي، ورقابة تكاد أن تكون منعدمة، وكشف دوري غائب، ومحاسبة مفقودة، وتقذف كرة المسؤولية بين طرف وآخر في الساحة الإعلامية، دون أن تتجاوزها.
وبين السيولة والسيول والمسؤولية فرق مخيف وقاتل في المعنى والتأثير، سيول جدة سيئة الذكر- مثلاً - رفعت حدة الخوف وشكلت لجان وتسربت أسماء، وقيل إن كل ملفات الإهمال والأخطاء في البلاد قد فتحت، وإن جدة الجديدة ستكون فعلاً غير، بانتظار أن نسمع الجديد على قدر الأخطاء والأخطار.
وفي كل مرة يرفع المسؤولون شكواهم إلى وزارة المالية ويعلقون على الاعتمادات المالية التقصير واللوم، رغم أننا نحتفل سنوياً بأضخم ميزانية في تاريخ البلاد، ونرصد الأرقام الكبيرة للمشروعات البلدية والقروية، هذا بخلاف التعزيزات المالية الإضافية الذي تتحصل عليها قطاعات مختلفة طبقاً للحاجة والسيولة المتوفرة.
وسيول الرياض لم تخل من خسائر في الأرواح والأنفس، إضافة إلى الخسائر المادية، أمين منطقة الرياض قال إن هناك رداءة في التعامل مع السيول، وإن مدينة الرياض لم تكن جاهزة لكميات الأمطار الكبيرة وإن المناطق المغطاة بشبكات صرف السيول لا تتجاوز نسبة 30%.
وقال إن وزارة المالية لم توفر اعتمادات مالية من عام 1401هـ حتى عام 1416هـ ومن عام 1418هـ حتى 1430هـ اعتمدت مبالغ مالية تمثل 16% فقط من المطلوب.
والحقيقة أن الناس ليسو جميعاً قادرين على قراءة أرقام الميزانية العامة الضخمة، لكن المعلن في أرقام الميزانية، هو أن المخصص لقطاع الخدمات البلدية ويشمل وزارة الشؤون البلدية والقروية والأمانات والبلديات حوالي (21.700.000.000) واحد وعشرين ملياراً وسبع مئة مليون ريال بزيادة نسبتها 15% عن ما تم تخصيصه بميزانية العام المالي الحالي 1430-1431، منها ما يزيد عن مليارين وتسع مئة مليون ريال ممولة من الإيرادات المباشرة للأمانات والبلديات.
وتضمنت الميزانية مشاريع بلدية جديدة وإضافات لبعض المشاريع البلدية القائمة تشمل تنفيذ تقاطعات وأنفاق وجسور جديدة لبعض الطرق والشوارع داخل المدن وتحسين وتطوير لما هو قائم، إضافة لاستكمال تنفيذ مشاريع تصريف مياه الأمطار ودرء أخطار السيول وتوفير المعدات والآليات.
فهل المشكلة في تصريف السيول أو السيولة؟! حقيقة لا أحد يمكن له أن يجزم بإجابة شافية ووافية، حتى موسم الأمطار التالي، وربما خسائر إضافية.
إلى لقاء..