يعاني بعض الأطفال من فرط النشاط وضعف التركيز؛ وهذه المعاناة ليست مرضاً؛ بل هو اضطراب سلوكي. ويحُسن بالوالدين ممن لديهم أطفال يعانون هذا الاضطراب توضيح الأمر لمعلميهم. كما ينصح خبراء التربية المعلمين بزيادة طرق التعليم والترفيه للطفل بحيث يكون التعليم نشاطا حركيا مرغوبا له. وأصعب ما يواجهه هؤلاء الأطفال ذوو النشاط المفرط هو صعوبة التركيز على أمر واحد لفترة طويلة، لذا فإن التواصل البصري معهم يساعدهم على التركيز.
وقد يغفل الوالدان عن الأسباب العضوية لتشتت الانتباه مثل سلامة السمع، فعند ملاحظة قلة انتباه الطفل وسرعة تشتته دون فرط حركة أو اندفاع؛ فلابد من التأكد من سلامة حاسة السمع أو وجود مشكلات ترتبط بها، ففي بعض الحالات يكون السمع سليما بل جيدا ولكن المعلومات لاتصل تامة للمخ!
ويتطلب الأمر الاهتمام بحالة هذا الطفل بوجه خاص ومساعدته على التخلص من المشكلات المحيطة به، ويكفي أن يتحدث الوالدان معه لمعرفة ما يعترضه في المدرسة أو البيت، مع زيادة الوقت المخصص له لمنحه فرصة للتعبير عن مشاعره. فقد يكون أسلوب المدرس في شرح الدرس لا يتناسب مع حالته، وعندئذ يصبح من الضرورة التواصل مع المعلم ومشاورته ومناقشة وضع الطفل وإيجاد الحلول الممكنة، إضافة إلى مراقبة الضغوطات داخل المنزل سواء كانت أحوالاً أسرية غير مستقرة، أو حصول مشادات مع إخوته أو الخدم الذين يثيرونه أو يتسببون في إيذائه، فتكون ردة الفعل الطبيعية هي النشاط الزائد أو الاندفاع وبالتالي تشتت الانتباه، وهذا النوع من التشتت يكون مؤقتاً.
ويحسن بالوالدين زيادة الساعات المخصصة للتسلية والترفيه والأنشطة المحتوية على الحركة والإبداع، والتنوع، والألوان والإثارة الذهنية، وما يرافق ذلك من تغيير مكان الطفل ومحاولة جذبه لتركيز انتباهه نحو أمر محدد، والابتعاد ما أمكن عن الأسئلة المملة، وتعويده على استخدام الجمل والعبارات الواضحة مثل (اذهب وأحضر كتابك) بدلاً من الأسئلة مثل (أين كتابك ؟) فالأوامر البسيطة القصيرة أسهل على الطفل في التنفيذ، إضافة إلى تحديد الكلمات التي تعني مفهوما واحدا وليست عدة مفاهيم! والملاحظ أن هؤلاء الأطفال يقبلون على الأعمال الروتينية والمنظمة كأداء الواجبات ومشاهدة التلفاز وتناول الأكل لذا يحسن تقليل فترات الانقطاع والتوقف حتى لا يشعر الطفل بتغيير الجدول أو النظام وعدم ثباته.
وفي هذه الحالة ينبغي إعداد قائمة في الواجبات ووضع علامة (صح) أمام كل عمل يتمه الطفل، وحثه على إنجاز الأعمال غير المكتملة في القائمة. وحين تظهر منه بادرة إيجابية لابد من تقديره وتحفيزه مع التحلي بطاقة هائلة من الصبر والحلم، وإدراك أن هؤلاء الأطفال لديهم صعوبة في البدء بعمل ما والاستمرار به. وعند ممارسته لسلوك غير مرغوب يحسن تجاهله، ومع تكرار التجاهل سيتوقف الطفل عن ذلك لأنه لا يلقى تشجيعا أو مساندة، وهنا يجدر الثناء على توقفه عن ذلك السلوك السيئ، وسيبدأ تلقائيا في نهج السلوك المناسب.
من المهم الإشارة إلى تقليل كمية السكر التي يتناولها الطفل، فبعد تشخيص ما يقرب من 1400 طفل، وجد حوالي ثلث الأطفال يضطرب سلوكهم بشكل واضح عند تناولهم الأطعمة عالية السكريات، وبالمقابل أثبتت بعض البحوث أن البروتين يمكن أن يبطل مفعول السكر لدى الأطفال الحساسين له. لذا قد يكون البروتين علاجا في هذه الحالة.
وبرغم كل هذه الدراسات والبحوث فلا زال تشتت الانتباه -هذا الاضطراب السلوكي الغامض- يشكل حيرة وقلقاً لدى المهتمين من الآباء والتربويين والأطباء.
ولمجموعة دعم فرط الحركة وتشتت الانتباه (أفتا) جهود بارزة في هذا الشأن، ويمكن التواصل معهم لإمداد الوالدين والمربين بالأساليب التربوية والصحية السليمة التي تساعد على التعامل بصورة صحيحة مع هؤلاء الأبرياء.
www.rogaia.net
rogaia143@hotmail.com