أشواق أطفالنا تحركها آمال المستقبل والثقة فيه، وينبثق من وسط هذا الحراك صوت طفل ينادي ويؤكد أنا الأمل والقوة لكل الأشواق وأبعادها، أحسنوا التوجيه والرعاية، وأمعنوا النظر في قصوري وعجزي، وخذوا بيدي حتى
|
أضعها في يوم قريب مع كل الأيدي المؤثرة والصالحة.
|
نداء يصغي له الآباء فيقرؤون التوجيه الحكيم في كتاب الحق سبحانه وتعالى الذي أوصى وقال: (يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ)، كما أن رسول الحق عليه الصلاة والسلام ذكر ونبّه في قوله: (إن لولدك عليك حقاً)، ومن سار على هذا الطريق يوماً سيجد نفسه في دائرة من قول الشاعر:
|
وكم أب قد علا بابن ذرى شرف |
كما علت برسول الله عدنان |
وتأتي الإضافة في قول الشاعر:
|
ينشأ الصغير على ما كان والده |
إن العروق عليها ينبت الشجر |
وهكذا نرى أن إتقان المرء لكل واجب فرضه الحق سبحانه وتعالى يعود عليه بوافر الرضاء، وفيما يخص الأبناء يعد إنجازاً لأول مهمة ومسؤولية، ويُثاب عليها ويتأكد تميز الأبوة من واقع العطاء والحرص على سلامة المسير لطفله الصغير.
|
إنّ الأبوة ليست حضانة وابتسامة، إنها من أهم المسؤوليات التي لا تخلو من المتعة ومحملة بمسؤوليات وواجب لا بد من أدائه، فإذا حرص الأب على التميز في نفسه فذلك بحال أقوى متى تجسد في ابنه.
|
إن الانحياز للطفل أمرٌ مشروعٌ ومقبولٌ، حيث إنه صغير في كل شيء، وأمامه مرحلة من النمو لا بد أن يكون للجميع موقف إيجابي منها على ألا يقود هذا إلى حالة من الدلال والإفساد، فإن تداخل أمر العناية بغيره يحتم ألا تكون النتيجة من غير توازن بحيث لا تؤدي إلى حال لا نريدها.
|
والطفل حسب مراحل العمر يجب أن يحظى باللعب والترفيه في حدود المعقول لكل مرحلة من سنه، وأن نحرص أن يكون أمره في حالة من التوازن بين عدد من العناصر التي يحتاجها في نموه واستقراره.
|
وحينما نحرص على ذكر العناية بالطفل فيأتي في مقدمة مثل هذه العناية ما يتعلق به نفسياً وعقلياً وشخصياً، فاستقرار النفس وأن تنمو وفق حالة من الإشباع المتكامل يهيئه إلى مكانة مناسبة في مجتمعه وبين أقرانه، وأهم ما في ذلك كرامته الذاتية، وفي الحرص عليها ما يحفظه من الاحباط أو النكوص الذي قد يؤدي إلى انطواء وربما إلى انسحاب من دوره في المجتمع ومتى اقتنع الأب بأهمية ذلك فهو المعين بعد الله، فمن خلال عزيمته المتمثلة في وقفة تأخذ بيد الطفل، وتعمق في نفسه كل المقومات في بنائه النفسي فيتولد لديه استعداد لدور يسعد به هذا الطفل من خلال الأداء والمسؤولية والمساهمة في بناء مجتمعه.
|
إن إحساس أي إنسان بالغربة وسط أهله من المخاطر التي تبقى مساوئ في النفس لا تخلو من الآلام المبرحة، فعلى الأهل من الواجب ما يحتم حماية الطفل حتى لا يتعرض إلى مثل هذه الأحاسيس، ومساعدته ليكون في حالة انسجام مع جميع أفراد الأسرة، محاطاً بالاحترام والمحبة وكل ما يمكنه من النمو السليم ومتى تحقق ذلك فإن كل أب أجاد الأداء وبذل العطاء سيعتز في يوم قريب بثمرة جهده نحو ابنه حين يجده مستقلاً يتمتع بقدر من الثقة بالنفس والاعتزاز والكرامة المصانة يحترمها كل من يتعامل معه.
|
ومثل هذا البناء الذي يحرص عليه الأب الذي يدرك أهمية ذلك، فإذا كان هذا مهماً فالأهم واجب العناية والرعاية بالطفل في نفسه وتنمية كل الإمكانات في الطفل نحو استقرار وقدرة مسير موفق وفق منهاج من النجاح والتفوق.
|
ومن أسباب الثقة بالنفس لدى الطفل وكذلك الاعتزاز أن نمكنه من المساهمة في الحوار الذي يدور بين أفراد العائلة فيما يتعلق بأموره الشخصية ولا نفرض عليه شيئاً ونصغي لما يريد وندير معه حواراً فيما نريد على أن يأتي القرار من خلال ما يتفق عليه لأي أمر من الأمور.
|
إن تنفيذ مثل هذه العناية يمر بمصاعب وعناء تأتي ثمرته المبشرة فيما بعد، وقد تكون مثل هذه العناية من أهم ما يقدم إلى الطفل، فإتاحة الفرصة لئن يشعر بذاته وتنمية مكوناته لا يمكن أن يسهم أحد في ذلك بمثل ما يقدمه الأب والأم لأبنائهم.
|
|