جاء في جريدة الحياة في عدد يوم الأحد الماضي أن شيخاً يُسمى (يوسف الحارثي) كان قد (أنشأ فضائية «أكاديمية الأحلام»، لتعنى بتأويل المنامات. لكنها ما لبثت أن احتجبت بعد ما انسحب ممولوها. وها هو ذا يعود إلى الواجهة بإعلانه افتتاح «أكاديمية تفسير الأحلام» التي يقول إنها ستضم 800 دارس، يتخرجون فيها بشهادات تتدرج من الدبلوم العالي والماجستير حتى الدكتوراه!).
أعرف أن هذه الجامعة، وكل ما يدور في ذهن هذا الشيخ الحالم مجرد أضغاث أحلام ليس إلا، لكنها هذه المرة أضغاث أحلام يقظة. فلم تعرف البنية التعليمية في تاريخ الإسلام، (على الإطلاق)، أن تفسير الأحلام أصبح (علماً) يُدرس في محاضن التعليم في الماضي، فضلاً عن أن يُبنى له جامعة كما (يحلم) مفسر الأحلام هذا.
ومن يتابع تصريحات بعض من يتسمون بالمشايخ هذه الأيام يجد أنهم يتسابقون على الإتيان بالغرائب والعجائب، والمتاجرة بالوهم، وإحياء بعض المفاهيم التراثية غير المستندة إلى علم، أو منطق، وبيعها على البسطاء والسذج؛ أما الهدف النهائي والأخير فهو ملء أرصدتهم البنكية بالمال بأي طريقة ليس إلا؛ والأمثلة أكثر من الهم على القلب للأسف الشديد.
وكان بودي لو أن محرر الحياة سأل فضيلة (الشيخ) عن جامعته الواعدة، هل سيكون فيها قسمٌ للمرأة، لتصبح هي كذلك (مفسرة أحلام) للإناث كي لا يختلطن بالرجال، أم أن الأمر سيقتصر على الرجال. وإذا كانت للجنسين، فهل ستواكب جامعة فضيلته جامعة (كاوست) وتسمح بالاختلاط بين الدارسين الذكور والإناث، أم ستكون هناك جامعتان، واحدة للنساء، وجامعة أخرى للرجال؟
ثمّ هل ستشمل مقررات الجامعة (العتيدة) قسم خاص للرد على (الغربيين الجهلة) - قبحهم الله - الذين يُعيدون الأحلام إلى أنها: (نتيجة طبيعية ومنطقية للنوم؛ فأثناء النوم تتراخى المراقبة، وتنخفض طاقة الأنا والقوة النفسية التي تحافظ على وضعية المكبوت العادية. وفي هذه اللحظات تنتهز الطموحات اللاشعورية الدفينة والمكبوتة الفرصة أثناء النوم، لتخترق ساحة الشعور ولكن قوة الكَبْت التي تسجل ضعفاً كبيراً تبقى مع ذلك موجودة بحدود دنيا لتمارس بعضاً من عملها وفعالياتها). وهل يشفي صدورنا الشيخ الألمعي الحارثي برد شاف على فرويد عندما عرّف الحلم بقوله: (هو تحقق مُقَنّع لرغبة مكبوتة لا شعورية وهو لا يعدو في النهاية عن كونه تنفيذاً لرغبة معينة). وقد سبق فرويد - بالمناسبة - المثل الذي يقول (حلوم أهل نجد حديث قلوبهم)!
كما جاء في الخبر بالنص: (وكان الحارثي ذكر عبر برنامج «بيوت مطمئنة» الذي بثته إذاعة القرآن الكريم الجمعة الماضي، أنه يهيئ نفسه لإقامة دورة ضخمة في شرح «منظومات المنامات» التي قد يصل بعضها إلى ألف بيت، سعياً منه إلى نشر علم تأويل الأحلام في الوسط الشرعي المحلي). أي أن إذاعة القرآن الكريم، وهي إحدى مؤسسات وزارة الثقافة والإعلام، كانت قد روجت لهذا الرجل، وشاركت في التهيئة والتمهيد لمشرعه (الأكاديمي). سؤالي إلى وزارة الثقافة الإعلام: هل يشرفكم وأنتم المعنيون بالثقافة، وإبراز وجه المملكة الثقافي والحضاري أن تتبنى إذاعة حكومية رسمية مهمة الترويج لمثل هذه (المشاريع)؟
وأخيراً بودي أن أسأل المسؤولين عن هذه الإذاعة: ما هي المعايير والمقاييس للبرامج التي يسمح ببثها ولا يسمح لبثها في محطات الإذاعة الرسمية؟
أنتظر من المعنيين بالأمر في إذاعة القرآن الكريم الجواب.
إلى اللقاء.