الجزيرة - الرياض
أكد رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان الدكتور مفلح ربيعان القحطاني أن حرية التعبير عامة ومنها حرية الصحافة قد احترمها الإسلام وشجعها منذ بزوغ فجر أيامه الأُول، وقال د. القحطاني بمناسبة احتفال العالم أمس باليوم العالمي لحرية الصحافة والذي يوافق الثالث من مايو في عام2010: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد دعم حرية التعبير في نفوس أصحابه، وسار على دربه الخلفاء الراشدون فوطدوها في عقول الناس. وبلغت الحرية مبلغها حين فرض عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قانوناً يحرم غلاء المهور، لتقف امرأة من بين جموع الناس معترضة على ما أصدره خليفة المسلمين قائلة: أيعطينا الله وتمنعنا أنت. فيقول الخليفة الراشد الذي أيده الوحي مرات عديدة: لقد أصابت امرأة وأخطأ عمر. فهذه هي حرية التعبير في أجمل صورها، واحترام رأي الآخرين في أبها حللها.
وبيّن: أن المملكة قد أخذت بعض الخطوات في طريق حرية الصحافة وحرية التعبير سواء من حيث التنظيم أو الممارسة، فبينت المادة الثامنة من نظام المطبوعات والنشر أن حرية التعبير عن الرأي مكفولة بمختلف وسائل النشر في نطاق الأحكام الشرعية والنظَامية. وأضحى الآن الانفتاح الإعلامي ركيزة أساسية من ركائز مشروع الملك عبد الله الإصلاحي، وهذا أمر واضح للعامة والخاصة.
مستدركاً أنه برغم ما تحقق إلاّ أن الطريق ما زال طويلاً، مشيراً إلى أن الجمعية تطالب بمزيد من الشفافية والانفتاح الإعلامي، أملاً أن يؤخذ هذا التقدم الملحوظ في حرية الصحافة المحلية في الاعتبار في التقارير الدولية التي تصدر بشأن حرية الصحافة في العالم، وأن تكون الصحافة رقيباً شريفاً وحقيقياً على جميع الأجهزة المكلفة بموجب الأنظمة بالرفع من مقومات الوطن وتقديم خدماتها للمواطنين والمقيمين.
وتمنى د. القحطاني أن يتسع صدر مسؤولي بعض الأجهزة الحكومية للانتقاد الموضوعي لبعض وسائل الإعلام لأداء أجهزتهم لأن من شأن ذلك مساعدتهم في تفعيل الرقابة على أجهزتهم ومعرفة أوجه القصور فيها، ولا فائدة للوطن ولا المواطن من قتل الرقابة الصحفية التي تكشف أوجه القصور في أي جهاز. فتلك الأجهزة الحكومية التي قد ترى أن حرية الصحافة والانفتاح الإعلامي قد يؤثر على هيبة هذه الأجهزة أو ينال من سمعة المملكة ومؤسساتها في الخارج و قد لا تعكس رؤيتها تلك حقيقة الواقع لأن الكشف عن الخطأ أو القصور يؤدي إلى مناقشته ومعالجته وإزالة أسبابه وإذا أزيلت أسبابه بفعل جهد داخلي فلا شك أن ذلك سيشكل رصيداً للمملكة على الصعيد الدولي ناهيك عن أن ذلك يعد على المستوى الفردي وفاء بواجب ديني وتنفيذاً لالتزام نظامي.
مطالباً في ذلك الوقت الصحفيين والإعلاميين أن يلتزموا بأحكام الشريعة الإسلامية وبالأنظمة المرعية والبعد عن الإساءة إلى كرامة الإنسان وحقوقه، داعياً الصحفي إلى احترام قلمه ولا يوظفه لتحقيق مصلحة شخصية أو تصفية حسابات مع بعض الجهات والأشخاص، ولا يكون همه السعي خلف التشويق الإعلامي والإثارة على حساب الصدق في نقل الخبر والمصداقية في التعامل مع الجمهور و أن يلتزم بالنقد الموضوعي البناء الهادف إلى المصلحة العامة، والمستند إلى وقائع وشواهد صحيحة لئلا يساهم بسلوكه ذلك في الحد من حرية الصحافة. واسترشد د. القحطاني بما قاله خادم الحرمين الشريفين في خطابه أمام مجلس الشورى في السنة الثانية للدورة الخامسة: (إنكم تعلمون جميعاً بأن الكلمة أشبه بحد السيف، بل أشد وقعاً منه، لذلك فإنني أهيب بالجميع أن يدركوا ذلك، فالكلمة إذا أصبحت أداة لتصفية الحسابات، والغمز واللمز، وإطلاق الاتهامات جزافاً كانت معول هدم لا يستفيد منه غير الشامتين بأمتنا، وهذا لا يعني مصادرة النقد الهادف البناء، لذلك أطلب من الجميع أن يتقوا الله في أقوالهم وأعمالهم، وأن يتصدوا لمسؤولياتهم بوعي وإدراك، وألا يكونوا عبئاً على دينهم ووطنهم وأهلهم). وقال: إنهم في الجمعية يأملون أن تقوم هيئة الصحفيين بدورها في تدريب الصحفيين وتقديم المساعدة اللازمة لهم في حالة تعرضهم لأي انتهاك لحقوقهم بسبب ممارستهم لأعمالهم الصحفية.
واختتم رئيس الجمعية تصريحه بالقول: إننا نريد صحافة حرة منضبطة ومسؤولة تقول الحق ولا تخشى أحداً، لتعكس الصورة الحقيقية لحال المجتمع وأجهزة الدولة المختلفة، دون أن تجري خلف التشويق والإثارة الإعلامية على حساب الحقيقة فحرية الصحافة: هي حرية وسط ككل شيء في ديننا الحنيف، الحرية التي تتوقف عند حدود حرية الآخرين. حتى تحقق الصحافة الهدف المأمول منها ويحقق نقدها مزيداً من النهضة المباركة التي تشهدها بلادنا في ظل قائدها خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين والنائب الثاني وحكومتنا الرشيدة.