إن مشهد الخريج الذي يتجدد في رحاب جامعة حائل سنوياً، كما يتبدى في جل مناطق المملكة ومناراتها الجامعية هذا المشهد الرائع وانتشاره في ربوع الوطن، وتكراره على مدى الزمن دلالة تؤكد المكانة التي يتبوأها بناء الإنسان السعودي عبر المسيرة الوطنية الرائدة، ومرآة تعكس الاهتمام المتنامي من قبل قياداتنا الحكيمة على مر التاريخ والتي جسدت صورة نادرة للانسجام الوطني، ومثالاً فريداً للتلاحم والانسجام بين القيادة والشعب، والاصطفاف والالتفاف حول مشروع عملاق لأمة عملاقة بتراثها الحضاري وحاضرها الراقي، ومستقبلها المشرق بمشيئة الله.
إن ما يشهده التعليم عموماً والتعليم العالي على وجه الخصوص من اهتمام غير متناه ودعم لا نهائي على يد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود نائب رئيس الوزراء، وزير الطيران المفتش العام، وصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية.
هذا الاهتمام الرائد وذلك الدعم الذي تعددت مساراته، وتنوعت آلياته، يعبر عن توجهات قيادتنا الحكيمة، ببصيرة قيادية رائدة، ورؤية مستقبلية نافذة للمكانة الدولية لأمتنا في عصر العلم والمعرفة، كما يفرض علينا جميعاً تحمل مسؤوليتنا الوطنية والتزاماتنا الذاتية في العمل الجاد والمبدع كل في مجاله، واستيعاب دلالات هذا التوجه، ومضامين تلك الرؤية وترجمتها إلى برامج تستنبت الوعي المبدع وتتبنى الابتكار، وترعى المواهب، وتستثمر الطاقات، وتنصهر في بوتقة المواطنة فكراً وسلوكاً تأصيلاً لنهج الوسطية والاعتدال ونبذاً للغلو والتعصب.
وتاريخياً يتمثل التفكير في المستقبل أحد النوازع الإنسانية، غير أن أهمية هذا التفكير تزايدت مع تزايد سرعة التحولات العالمية في مختلف المجالات، ولعل ما يطويه المستقبل بين طياته يفوق الخيال الإنساني عن طبيعة وسرعة التحولات المرتقبة لدرجة وصف بها زمن المستقبل بأنه زمن التحديات لما قد ينتظر الإنسان من كم هائل من الضغوط والتهديدات، أو الفرص والطموحات.
ولذلك فقد كرست الدولة جل إمكانياتها، ولم تألوا جهداً في دعم المنظومة التعليمية التي يعد النشء والشباب هدفها وعمادها، أنشأت الجامعات في جل مناطق الوطن، وزودتها بأحدث الأساليب والنظم التعليمية، وهيأت للطلاب كل ما يلزم لتلقي تعليماً عالياً مميزاً وفريداً.
ويعد هذا اليوم المشهود في حياة أبنائنا الخريجين العتبة الأولى في مشوار حياتهم العملية، فيجب عليهم أن يتسلحوا بالعلم والأخلاق، ويتزودوا بالمعايير المهنية والمؤشرات الاحترافية، ويحرصوا على تنمية مهاراتهم التنافسية، وينشدوا التميز في مواجهة التحديات واستثمار الفرص لتحقيق الطموحات، لتمتد قلوبهم ومشاعرهم في أعماق الوطنية، وترتبط تصوراتهم بجذور الهوية، وتتعامل عقولهم بأفق رحبة مع المستجدات العالمية، ليكونوا جنوداً مخلصين في محراب الوطن التزاماً بالواجب، وأداءً لما في أعناقنا من دين للوطن، أدام الله عليه أمنه وأمانه وحفظ ولاة أمرنا ورعاهم، وسدد على طريق الخير خطاهم.
معالي مدير جامعة حائل