أذكر أنني استمعت قبل مدة طويلة إلى برنامج تلفزيوني يتحدث عن السرقات بما فيها المنزلية، ومما لفت الانتباه ما قاله أحد ضيوف البرنامج وإن لم تخني الذاكرة أنه مسؤول أمني حيث أشار إلى مسألتين مهمتين يغفل عنهما كثير من الناس، وهي علاقة سكان الحيّ أو الشارع ببعضهم البعض،
والثانية عدم الاهتمام بالمنطقة الخارجية للمنزل والمداومة على معاينتها من قبل أهله، حيث إن هذه المنطقة تعكس حقيقة وجودهم أو غيابهم لبعض الوقت، أو ربما أكثر من يوم وبالذات في عطل المدارس، لذلك يعمد لصوص الليل وعصابات سرقة المنازل إلى مراقبة التغيرات في هذه المنطقة، فإذا لاحظوا أن فواتير الخدمات متروكة على عداد الكهرباء أو المياه منذ مدة، خصوصاً أن هناك من يسددها عن طريق الإنترنت، أو لاحظوا بقاء حاوية النفايات (أعزكم الله) خاوية وفي مكان معين لم تتحرك منذ أيام، أو لاحظوا عدم إضاءة المنزل ليلاً، أو لاحظوا وجود طبقة أتربة على عتبة المدخل لم تكنس منذ فترة، كل ذلك وغيره علامات يسترشد بها اللصوص لأعمال السرقة والسطو، من هنا تكمن أهمية علاقة الجيران ببعضهم التي أشار إليها المسؤول الأمني، كما أنه من جهة أخرى يُفسر عظمة التأكيد النبوي على حق الجار وأهمية العلاقة معه، فالجار الذي يشعر بصوت ما، أو جلبة داخل منزل جاره، وهو يعرف أنه غائب أو مسافر، قد يسهم في دفع البلاء عن بيته ويساعد الأمن في وقوع اللصوص بيد العدالة.
في هذا الإطار أعتقد أن (النشرات الدعائية) بأنواعها، التي توزع على المنازل سواءً برميها أمام المنزل أو وضعها على الباب هي من أخطر العلامات التي تدل على خلو المنزل من أهله في حال تركها ليوم أو أكثر، وبالتالي يكون من السهل سرقته، خصوصاً أن توزيع تلك النشرات يحدث دون رقيب أو طريقة نظامية، فهذه دعاية لوجبات مطعم، وأخرى عن تخفيضات لمراكز تجارية، وثالثة عن عمالة سائبة تقدم خدمات تزيين الحدائق، أو أعمال صيانة منزلية وغيرها.
بل الأخطر أن توزيع تلك النشرات قد يستخدم كغطاء لأعمال إجرامية تتجاوز قضية السرقة والسطو، لذلك الواجب منع هذا العمل بشكل حازم وملاحقة المخالفين، ومن ثم تنظيمه تحت هيئة أو جهة تضع آلية عمل آمنة وواضحة للتوزيع، بحيث يكون هناك اشتراطات ترتبط أولاً بموافقة وزارة الداخلية كونها المسؤولة عن الأمن العام، مع تحديد طريقة التوزيع وأوقاته، وما إلى ذلك.
Kanaan999@hotmail.com