ما كنا نحذِّر منه ويتحدّث عنه جميع المهتمين في الشئون الخليجية، بوجود خلايا سرِّية نائمة للمخابرات الإيرانية في دول الخليج العربية، والدول العربية الأخرى، بدأ يتأكد ويظهر على السَّطح، بعد كشف الأجهزة الأمنية في عدد من الدول عن تلك الخلايا، وبدأ عمل تلك الخلايا وتخلِّيها عن السرية في دول أخرى.
في اليمن أقام الإيرانيون تنظيماً سرياً سرعان ما ظهر على السّطح، وخاضت ست حروب دامية كلّفت اليمن الشيء الكثير، وقبل حروب الحوثيين، كان الإيرانيون قد أنشأوا العديد من المراكز والمحطات الاستخبارية، حتى أنّ إحدى محطاتهم التي وُضعت في المستشفى الإيراني في صنعاء، أمام مديرية الأمن السياسي مباشرة، يرصد عملاؤها نشاط تلك المديرية.
نشاط عملاء وخلايا إيران في اليمن شمل حتى إنشاء معسكرات التدريب، ليتمخّض بعد ذلك جيشٌ من المتمردين خاض ست حروب، يعرف اليمنيون أكثر من غيرهم، كيف أوقفت تلك الحروب التنمية في شمال اليمن، ودمّرت النسيج الاجتماعي والوطني، وهدّدت - ولا تزال - السِّلم الاجتماعي.
في دول الخليج العربية، لم يصل أمر الوجود المخابراتي لإيران بنفس القوة التي وصلت إليها في اليمن، إلاّ أنّ خلايا المخابرات والتخريب الإيرانية موجودة، ومستعدّة وتنتظر الأوامر، وهي وفق مصطلحات المخابرات (خلايا نائمة)، بعد أن استكمل الإيرانيون إنشاء هذه الخلايا التي لا تخلو منها دول عربية، وإنْ تعدّدت في الدول المجاورة.
المسئولون الإيرانيون كشفوا أكثر من مرة عن وجود هذه الخلايا، فمن التهديد بالرد المباشر عند تعرُّض النظام الإيراني لأي تهديد جدِّي من أمريكا أو الغرب، أو التعرُّض لهجوم عسكري، فإنّ الرد سيكون استهداف المصالح الغربية في دول الخليج العربية، وصناعة النفط في مقدمة ذلك، بالرغم من أنّ النفط الإيراني يغذِّي الغرب وحلفاءهم. وقد أكد لاريجاني رئيس مجلس الشورى الإيراني في الكويت في زيارته الأخيرة هذه الأقوال، مهدداً دول الخليج العربية من (مغبّة) أي هجوم عسكري تتعرّض له إيران.. وكأنّ قوات دول الخليج هي التي تقوم بالهجوم.
تهديدات لاريجاني التي سبق أن أطلقها في دول عربية أخرى، لم تأتِ من فراغ، فهو مثل كلّ المسئولين الإيرانيين، يعلم أنّ خلايا إيران المخابراتية منتشرة في كل دول الجوار، ومنها دولة الكويت التي استطاعت أجهزتها الأمنية - كما أُعلن أمس - تفكيك شبكة تخابر وتجسُّس لمصلحة الحرس الثوري الإيراني لرصد المنشآت الحيوية والعسكرية الكويتية، ومواقع تواجد القوات الأمريكية في البلاد, حسبما ذكرت مصادر أمنية كويتية.
وأبلغت مصادر أمنية رفيعة المستوى، أنه تمّت مداهمة منزل أحد قياديي الشبكة في منطقة الصليبية قبل يومين، وعُثر على مخطّطات لمواقع حيوية وأجهزة اتصال حساسة ومتطوّرة، فضلاً عن مبالغ مالية تتجاوز ربع مليون دولار.
وقالت المصادر إنّ المتهمين البالغ عددهم سبعة، كشفوا في اعترافاتهم الأولية، أنّ عملهم كان يتطلّب تجنيد عدد من العناصر التي تتوافق أفكارهم وتوجُّهاتهم مع الحرس الثوري الإيراني.
وأضافت المصادر إنّ أعضاء الخلية كانوا يتردّدون على إيران بشكل مستمر، وإنّ بعض المقبوض عليهم كانوا يعملون في وزارتي الداخلية والدفاع.
وما كُشف في الكويت غيضٌ من فيض، فهناك الكثير من خلايا التخريب لإيران في الدول العربية، وبالذات في دول الجوار التي عليها أن ترفع درجات الحذر في التعامل مع نظام لا يتوانى عن فعل أي شيء.
***