حِيَنمَا نَشَرَتْ جَرِيدَةُ الجزيرة صُورَةَ الأمِيرُ سَلْمَان وهو مُطِلٌّ عَلَى مَشَارِفِ وَادِي حَنِيفةَ..كَانَ يمْنَحُ نَظْرَةَ التَّارِيخِ لِلأرْضِ، وَيُتَرْجِمُ سِرُّ التُّرَابِ...
|
قَسَمَاً بِرَبِّ الصَّافِنَاتِ جِيَادِي |
إنَّ المُرَوَّعَ في ثَرَاكِ فُؤَادِي |
لَكِ مِنْ شُمُوسِ الفَجْرِ غُرَّةُ مُهْرَةٍ |
وَلِصَوْتِكِ الحَانِي تَرَنُّمُ شادي |
اسْقي العِطَاشَ فَكَفُّهُمْ مَرْفُوعَةٌ |
رُحْمَاكِ إنِّي فِي الحَوَادِثِ صَادِي |
تَتَلاطَمُ الأيَّامُ فِي جَنَبَاتِهَا |
بِرَوَائحٍ مِثْلَ اللّظَى وَغَوادِي |
وَبَكَى المُفَجَّعُ وِتْرَهَا مِنْ شَاهِقٍ |
يَجْرِي النَّعِيُّ بِرُوحِهِ وَيُنَادِي |
فَهَوَى وَرَاءَ الأُفْقِ بَرْقُ حَيَاتِهِ |
وَتَجَلَّلَ البَرْدَانِ ثَوْبَ حِدَادِ |
حَكَمَ القَضَاءُ عَلَى الدَّيَاجيرِ التِي |
صَكَّتْ وُجوهَ الشِّيبِ والأوْلادِ |
فَتَعَذَّرَتْ تِلْكَ الدُّجَى أحْلامَهُ |
وَتَبَدَّدتْ فَاهْرِيقَ كَأْسُ رُقَادِ |
سَكِرَتْ بِهِ العُتْبَى وَمِلْءُ جُفُونِهِ |
سُهْدٌ تَغَشَّاهَا وَشَوْكُ قَتَادِ |
وَجَثَتْ عَلَى رَسْفِ القُيُودِ جِرَاحُهُ |
ثُمَّ احْتَبَتْ فِي دَمْعَةِ العُوَّادِ |
أوَّاهُ مِنْ هَمِّ السَّجِين فإنَّهُ |
كَاللَيْلِ دَاجٍ فِي أسَىً وَسَوَادِ |
وَجَثَا عَلَى بَابِ الهَوَانِ وَكِفْلُهُ |
رَصَدَانِ مِنْ ذُلٍّ وَمِنْ أصْفَادِ |
حَلَّ القَصِيدُ إزَارَهُ وَلِسَانُهُ |
حَتَّامَ أبْقَى فِي بِلَىً وَنَفَادِ |
فَامْنَحْ قَوَافِيَّ التُّرَابَ تَرَنُّمَاً |
مِثْلَ الطُّيُورِ بِغُصْنِهَا المَيَّادِ |
والحُبُّ عُذْرُكَ إنْ تَقَاصَرَ بَحْرُهَا |
والجُودُ كُلُّ الجُودِ فِي الإنْشَادِ |
أُعْطِيتَ آفَاقَ الجَمَالِ فَطِفْ عَلَى |
قَفْرِ النَّسِيبِ بِرِقَّةٍ وَوِدَادِ |
وَلَقدْ ذكَرْتُكَ وَالخُطُوبُ شَوَاهِدٌ |
يَاسَيِّدِي فَهَفَا إلَيْكَ مُرَادِي |
عَاهَدّتُ نَفْسِي أنْ تكُونَ مَدَائحِي |
لَكَ بَيْتُهَا يَا مُهْجَةَ الأكْبَادِ |
سَلْمَانُ وَالْتَفَتَتْ رَبِيعَةُ كُلُّهَا |
بَكْرٌ وَتَغْلِبُ وَالّذِي فِي النَّادِي |
وَتَجُرُّ كُلَّ عَرَمْرَمٍ وَضِرَامُهَا |
إِرْثُ الجُدودِ وَثَوْرَةُ الأحْفَادِ |
تَحْتَ الظُّبَى يَتَفَاخَرُونَ بِمَجْدِهِا |
وَصَبا بِهَا الدَّهْرُ الوَقُورُ الهَادِي |
كَسَرُوا قُيودَ الذُّلِّ أوَّلَ سَاعَةٍ |
حَارَ الزَّمَانُ بِلَيْلِهَا الرَّعَّادِ |
يَا سَيِّدِي هِيَ نَظْرَةٌ مَمْلُوءَةٌ |
مِنْ يَوْمِ ذِي قَارٍ بِوَرْيِ زِنَادِ |
لوْ أنَّ أرْضَاً كَلَّمَتْ مَنْ قَبْلَكمْ |
لَتَحَدَّثَتْ مَعَكَ الثَّرَى بِالضَّادِ |
فِي رُوحِهَا ألْقَى الخُلُودُ رِحَالَهُ |
وَمَضَى يُحَدِّثُ عَنْ خُطَا الأجْدَادِ |
الوَائلِيُّونَ الكِرَامُ وَهَاهُنَا |
مَلَئُوا السِّنِينَ بطَارِفٍ وَتِلادِ |
مُسْتَنْفِرونَ عَلَى الطُّغَاةِ كَأنَّهُمْ |
خُلِقُوا لِمَا فِيهَا مِنِ اسْتَعْبَادِ |
هَدَمُوا عَلَى كِسْرى العُرُوشَ بِصَوْلَةٍ |
حَفَرَتْ سَنَابِكُهَا جِبَالَ السَّادِي |
وَتَخَضَّبَتْ كَفُّ الشُّمُوخِ وَبَأسَهُمْ |
قَهَرَ البُغَاةَ وَزُمْرَةَ الجَلادِ |
مَلأَ الفَضَاءَ خُيُولُهُم وَسُيوفُهُمْ |
قَطَعَتْ عُرَىً فُتِلَتْ عَلَى اسْتِبْدَادِ |
قَوْمٌ إذَا وَثَبَ العِرَاكُ تَوَاثَبُوا |
نَحْوَ الوَغَى أُسْدَاً مِنَ الأغْمَادِ |
وَسَرَوْا كَمَا يَسْرِي السُّهَى وَجِبَاهُهُمْ |
تَرْمِي النُّجُومَ بِسَجْدَةِ العُبَّادِ |
فَتَعَمَّمَتْ بِهِمُ الشُّمُوسُ وَتَاجُهُمْ |
قَدْ رَصَّعَتْهُ مَكَارِمٌ وَمَبَادِي |
قِفْ بِالمَرَابِعِ وَالقِلاعِ فَشَجْوُهَا |
أصْغَى إلَي خِرِّيتِهَا الوَقَّادِ |
مَنْ مِثْلَ سَلْمَانٍ يُتَرْجِمُ سِرَّهَا |
فَجْرَاً يُشِعُّ بفَرْحَةِ المِيلادِ |
يَاسَيِّدي لَكَ بَوْحُهَا أُغْرُودَةً |
لِتَزُفَّ لَحْنَ حَوَاضِرٍ وَبَوادِي |
غَرُّ السَّحَابِ عَلى فُرُوعِكَ قَيِّمٌ |
بِحَنِيفَةٍ تَنْمَى أصُولُ الحَادِي |
وسَعَى بِكَفَّيْكَ النَّدَى وَتَقَطَّعَتْ |
أسْبَابُهُ فَأغَثْتَهُ بِالزَّادِ |
هِيَ نَظْرَةُ التَّارِيخِ للأرْضِ التِي |
أحْيَتْ رُسُومَ َمُثَبَّتِ الأوْتَادِ |
للهِ عَيْنُكَ وَهْيَ تَرْفُلُ بِالرِّضَا |
والمَجْدُ يَمَّمَ بَطْنَ ذَاكَ الوَادِي |
وادٍ بِهِ قَامَ المُلوكُ بِدَعْوَةٍ |
هِيَ عُرْوَةٌ وُثْقَى وَسَيْفُ جِهَادِ |
حَنَفِيَّة ٌ بَيْضَاءُ يَقْصُر دُونَهَا |
هِمَمُ الرَّدَى وَطَوَائفُ الأوْغَادِ |
لاتَعْجَبُوا مِنْ مِدْحَتِي لِحَنيفَةٍ |
فَالأهْلُ أهْلِي وَالبِلادُ بِلادِي |
|
|