Al Jazirah NewsPaper Saturday  01/05/2010 G Issue 13729
السبت 17 جمادى الأول 1431   العدد  13729
 
مفارقات لوجستية
ما شأنك؟ النظام يسمح
د. حسن عيسى الملا

 

لا أعلم عن الأسباب التي أدت إلى إلغاء الحد الأدنى لرأسمال الشركة ذات المسؤولية المحدودة، اللهم ما شاع عن طلب تقدمت به الهيئة العامة للاستثمار تخفيفاً على الشركات الأجنبية التقنية العاملة في مجال البرامج المدمجة التي لا تحتاج إلى نصف مليون ريال سعودي لممارسة نشاطها.

ولتوضيح الموضوع وللقارئ الكريم فقد عدلت مؤخراً المادة (158) من نظام الشركات الخاصة برأسمال الشركة ذات المسؤولية المحدودة وترك للشركاء تحديد رأسمالها وحذف الحد الأدنى وهو نصف مليون ريال، وأصبح بالإمكان تأسيس شركة ذات مسؤولية محدودة برأسمال مائة ريال من الناحية النظرية. كما عدلت المادة (180) بحيث أوجب النظام على الشركاء حل الشركة أو اتخاذ قرار باستمرارها مع دفع الديون التي عليها، إذا بلغت خسائرها نصف رأس المال، وإلا أصبح الشركاء مسؤولين بالتضامن عن ديون الشركة.

وألزمت المادة (175) من نظام الشركات مديري الشركة بإرسال صور من ميزانية الشركة وحساب الأرباح والخسائر وتقرير عن نشاط الشركة ومركزها المالي إلى الإدارة العامة للشركات في وزارة التجارة والصناعة.

المفارقة هنا أن دائني الشركة لا يعلمون شيئاً عن المركز المالي للشركة فلا الشركة ملزمة باطلاعهم عليها، ولا النظام يتطلب نشر ميزانيتها، ويفاجؤون بعجز الشركة عن سداد مستحقاتهم ناهيك عن عجز الشركة عن دفع رواتب موظفيها، ويحدث في معظم الأحيان أن الشركاء الذين أصبحوا متضامنين بقوة القانون بسداد مديونيات الشركة غير مليئين، مما يصبح معه تضامنهم غير ذي معنى في الواقع تضيع معه حقوق الدائنين والعاملين، وينعكس ذلك على المؤسسات والشركات الدائنة مما يهددها بالإفلاس وفي أحسن الأحوال العجز عن سداد حقوق دائنيها هي الأخرى.

وبدون الغوص في أسباب تعديل المادة (158) التي لم أقتنع بوجاهتها، فإني أتساءل عن قيمة إرسال صور من ميزانية الشركة ذات المسؤولية المحدودة وحساب أرباحها وخسائرها إلى الإدارة العامة للشركات إذا كانت إدارة الشركات لا تخضع تلك الوثائق للمراجعة، وتمارس سلطتها تجاه الشركاء حماية للمتعاملين مع الشركة.

إن حماية حقوق الدائنين المؤثرة في الدورة الاقتصادية، تتطلب من وزارة التجارة وهي المطلعة على أوضاع الشركات ذات المسؤولية المحدودة المالية خاصة بعد إلغاء الحد الأدنى، أن تفحص كل ميزانية تقدم لها من شركة ذات مسؤولية محدودة كما تتعامل هيئة سوق المال مع ميزانيات الشركات المساهمة العامة، وأن تبادر عند اكتشافها أن خسائر شركة ما قد بلغت نصف رأسمالها، وأن ميزانيتها تفيد بوجود مديونيات عليها، وأن تلفت انتباه الشركاء في الشركة إلى النصوص القانونية التي تتطلب وفاءهم لمديونيات الشركة أو زيادة رأسمالها أو استخدام الوسيلة القانونية المتاحة بموجب نظام التسوية الواقية من الإفلاس أو تصفية الشركة وفقاً للباب الحادي عشر من نظام الشركات، وهذا هو العلاج في نظري لتداعيات تعديل المادة (158) وحفظ حقوق الدائنين والعاملين قبل أن يسقط الفأس على الرأس.أما العلاج الأمثل فهو العودة إلى وضع حد أدنى لرأسمال الشركات ذات المسؤولية المحدودة، وليكن أعلى مما كان عليه، فالمملكة ليست بحاجة إلى شركات أجنبية، محدودة المسؤولية برأسمال مائة ألف ريال تنفقه في ثلاثة أشهر الأولى كرأسمال عامل، وتحصل على مشاريع بالملايين تنفذها بموظفين أجانب خارج الحدود دون عائد على المملكة أو على قواها العاملة.

طلبت مني إحدى الشركات الأجنبية أن أقوم بتأسيس شركة لها في السعودية برأسمال خمسة آلاف دولار أمريكي وعندما سألت ممثلها من أين ستدفعون أجرة المقر ذهب ولم يعد وهو يتمتم ما شأنك؟ النظام يسمح.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد