الجزيرة - وليد العبدالهادي
فولكر يتحدث عن قواعد وفي أحشائه نظام جديد
كان عصر ما قبل (بازل) 1974م يتركز على الدَّين الخارجي لدول العالم الثالث؛ حيث وصلت إلى ذروة التعثر، إضافة إلى تعثر بنوك عديدة من جراء المنافسة القوية التي مكَّنت البنوك اليابانية من التهام الحصص السوقية في القطاع المصرفي العالمي بسبب تدني رؤوس أموالها وارتفاع هامش الإقراض في عام 1988م؛ وبالتالي وصول المخاطر المصرفية إلى مرحلة الأوج. كل ذلك أجبر مجموعة العشر الصناعية على تأسيس لجنة بازل في سويسرا بقيادة (كوك) الذي ارتبط اسم اللجنة باسمه لاحقا، وهو رئيس بنك إنجلترا السابق، ولكي لا نخوض في تفاصيلها نذكر أن بازل 2 لم تمنع الأزمة المالية 2008م ولم تستطع إلزام البنوك بتعليماتها التي تشدد على جودة الأصول وكفاية رأس المال، ومع ذلك سقطت بعض البنوك الأمريكية مع إعلان الأزمة، وكانت الحكومة الأمريكية تتخير أي البنوك تستحق الدعم؛ ما أجبر العديد منها على الإفلاس، وهي الآن تساند من هم على هاوية الإفلاس والذين يتمتعون بحماية وتدليل خاص مثل (جولدمان ساكس)، ونفس ظروف بازل 1974م موجودة الآن، والبديل يبدو أنه في أحشاء (فولكر) لو تم اعتماده عالمياً.
بول فولكر رئيس المجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي السابق في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر ورئيس المجلس الاقتصادي للتعافي من الأزمة حالياً أفصح في يناير الماضي عن قواعد صارمة لتحجيم المخاطر الائتمانية للبنوك، وفي 21 فبراير من هذا العام كان (أوباما) أول من أيّد قواعده الحصيفة علانية يوم 21 يناير 2010م، حينها بدأ أوباما بالحديث عن إعادة صياغة النظام المصرفي العالمي الجديد بشكل جدي مع حلفائه في قمة العشرين، لكن فريقه الاقتصادي على خلاف ذلك؛ حيث يري وزير الخزانة (تيموثي غايتنر) ضرورة إلزام البنوك بأخذ مخصصات كافية للديون التي قد تتعرض للتعثر وعدم التدخل في الأنشطة المصرفية والاستثمارية للبنوك، بينما ذكر (فولكر) في لقاء تلفزيوني أخير أننا نحكم على أنفسنا بالفشل المسبق إذا تركنا فئة صغيرة من البنوك تستحوذ على حصص سوقية كبيرة مع تركز ضخم للمخاطر يرجح إمكانية إفلاس القطاع المالي برمته، ويذكر في تصريح للرئيس أوباما أن ثمة جهودا حثيثة بين واشنطن ودول مهمة مثل فرنسا وألمانيا وبريطانيا حول كيفية اعتماد هذه القواعد دون ضرب الثقة في الأسواق المالية، كما أن من قواعد فولكر المنطقية تفيد بأنه على البنك تركيز أنشطته وفق احتياجات العملاء التمويلية وعدم ممارسة أنشطة استثمارية بشكل واسع النطاق وبمخاطر عظيمة يأخذ بها البنك ويكون المستفيد الأكبر فيها هم التنفيذيين والمساهمين.
قواعد فولكر تترصد وجولدمان ساكس يهدد
هناك بنوك تتمتع بالأمان والحماية من قبل الحكومة الأمريكية، مكنتها من أخذ مخاطر استثمارية عالية بهدف المضاربة، هذه شكوك قد تصبح تأكيدات من أبرز المتهمين (جولدمان ساكس)، وفولكر ينادي بتجزئة القطاع المصرفي للتحجيم من المخاطر وعدم تركزها في فئة محددة، كما يشدد على ضرورة تفتيت الحصص السوقية للبنوك وجعل القطاع أكثر عدالة سواء في الدعم الحكومي أو تحقيق الأرباح أو لتحقيق توازن وديناميكية أكبر في إدارة الأزمات؛ لأن سلوك الحكومة الحالي لا يخدم سوى المساهمين والتنفيذيين، وفي نهاية الأسبوع الماضي وعقب أنباء عن جدية الحكومة نحو قواعد فولكر تزامناً مع تهمة الاحتيال شعر (جولدمان ساكس) بالترصد وبدأ بالتهديد؛ حيث التنفيذيون في البنك ذكروا أنه في حال تم تمرير قواعد فولكر ستكون حقوق الملكية وودائع البنك في مهب الريح؛ حيث تقدر الودائع بـ900 مليون دولار، هذا الوعيد قد يكون الشرارة التي ستحرق الثقة في أسواق المال والقطاع المصرفي مجدداً.