منتدى شيكاغو لفرص الأعمال بين مسؤولين رفيعي المستوى من المملكة يرافقهم رجال أعمال من مختلف الفئات مع نظرائهم الأمريكيين يحمل أهمية بالغة.. خصوصاً للاقتصاد السعودي.. ففي فترة يعيش معها العالم لحظات ترقب حرجة للخروج من الأزمة المالية العالمية ورصد لأهم الانعكاسات لخطط التحفيز العالمية على الاقتصاد العالمي وخصوصا الأمريكي منبع الأزمة فإن تسويق الفرص الاستثمارية التي تتميز بها المملكة وكذلك نقل الصورة الإيجابية لما يتمتع به اقتصادنا من ثبات وقوة في زمن الاضطرابات الاقتصادية دولياً يُشكِّل نقطة تحول مهمة لاستثمار الفرص الزمنية التي لا تأتي إلا كل عدة عقود مرة واحدة.. وقد يرى البعض أميركا بأنها تحاول بالكاد تضميد جراحها.. لكن أحد المخارج لقطاعها الخاص هو اغتنام فرص لفتح آفاق استثمارية في مناطق واعدة كالمملكة ومن خلال حجم الفرص التي طرحها الوفد السعودي أمام المستثمرين الأمريكان.. والتي تقدر بأكثر من 500 مليار ريال وكذلك نوعية الأنشطة المطروحة والتي تتركز على صناعات مشتقة من النفط والغاز كالبتروكيماويات والبلاستيك يعكس قراءة جيدة للمواءمة بين الإمكانيات والاحتياجات النوعية للصناعات التي ترغب المملكة بتوطينها محلياً فالوقت الحالي يُعتبر ملائماً لجذب الشركات الأمريكية التي تتمتع بتكنولوجيا عالية ومتقدمة وريادة دولية لنقل خبراتها وإمكانياتها لنا.. فلن تتاح الفرص في كل مرة لتحقيق ذلك.. وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار أوراق القوة التي يحملها الوفد السعودي معه نجد أن توفير طاقات إنتاجية عالية وكبيرة من النفط والغاز مع بعض المزايا النسبية يُغري المستثمرين باستثمار آمن لأن كفاية الإمدادات تعني ديمومة المشروع لفترات طويلة.. ويحسب لنا بأنه استثمار لطاقات فائضة يتم توظيفها بشكل يحقق عائداً استثمارياً أكبر للثروة الأحفورية خصوصاً أن العالم يتجه لتعدد مصادر الطاقة بشكل واسع مما يسمح بتوفير جزء كبير من استهلاك الطاقة النفطية والغازية لاستخدامها بصناعات أكثر نفعاً للعالم وكون المملكة تتوفر بها هذه الطاقات فإن الأولى تفعيل استثمارها بهذا الوقت من خلال نقل صناعات متخصصة للسوق السعودي لتتحقق معها عدة فوائد منها: رفع الناتج المحلي وتحقيق هدف إستراتيجي بأن تمثل الصناعة خمس الناتج المحلي حسب الخطة الإستراتيجية للصناعة وكذلك توطين التقنية بخلاف النقطة الأبرز وهي توفير الفرص الوظيفية للشباب السعودي والذي يتعلم جزءٌ منه في أميركا وغيرها من الدول المتقدمة حتى يتم توظيف العلم بما يعود بالنفع على الاقتصاد المحلي.. كما تسهم مثل هذه الخطوة بمساعدة رجال الأعمال السعوديين على المشاركة باستثمارات تتوظف معها الأموال بمشاريع تحتاجها المملكة لاستفادة قصوى من الثروة التي تمتلكها.. غير أن بقية الجوانب المطروحة لا تقل أهمية فاحتياج المملكة لزيادة إنتاجها من الماء والكهرباء يتطلب جذب استثمارات كبيرة مما يعني الحاجة لدخول مستثمرين أجانب مع نظرائهم المحليين في هذه المجالات للوصول إلى معدلات كافية من الاحتياج المحلي بوقت قصير يتلاءم مع نمو معدلات الاستهلاك.. ويأتي الاستثمار بالتعليم ضرورة قصوى.. فنحن نرسل طلابنا للخارج لكي يتحصلوا على أرقى العلوم.. بينما بالإمكان نقل هذه العلوم للداخل من خلال الاستثمار المشترك مع جامعات ومعاهد عريقة وفق الاحتياج المحلي لتطوير مخرجات التعليم.. مما يعني رفد سوق العمل باحتياجاته بيسر وسهولة أكبر.. وكذلك تطوير ما لدينا من صروح علمية من خلال منافستها مع القادمين الجدد.. وهناك جوانب أخرى يتم التركيز عليها كقطاع البناء.. فالمملكة تشهد اليوم طفرة كبيرة في هذا المجال وتحتاج إلى تقنيات عالية تتوطن فيها لتحقيق عدة أهداف كرفع مستوى الشركات المحلية وتقديم حلول عملية لتحقيق الجودة والتكلفة المناسبة والمساهمة بإنجاز المشاريع المطلوبة نظراً لحجمها الكبير الذي سيستمر لسنوات طويلة على مستوى القطاع الخاص والعام وتهيئة البنى التحتية لجذب الاستثمارات.. أما في مجال الزراعة فنحن دولة غير زراعية.. وبالتالي نحتاج إلى شراكات تؤمِّن أقصى حد ممكن من الإنتاج محلياً بأحسن تقنية متوفرة.. وفي مجال المال والاستثمار فإننا بحاجة ماسة لتطوير كفاءة المؤسسات الاستثمارية والمالية.. فدخول المستثمر الأجنبي يتطلَّب تهيئة العديد من الجوانب لتحقيق الفائدة المرجوة من أسواق المال.. أما الجانب الأبرز فهو دعم المنشآت المتوسطة والصغيرة.. فأي اقتصاد في العالم يطمح للتقدم لا بد من تمكين هذه المنشآت للعب دور بارز فيه بخلاف تنمية الثروات ونجد أن الدول الكبرى تعتمد بنسب تفوق 90 % على هذه النوعية من الشركات والمؤسسات والاهتمام لدينا بها كبير.. ولكنها أيضاً تحتاج إلى تطوير جوانب تتعلق بطريقة بنائها وتنظيمها لتوفير الأجواء الملائمة لاستمراريتها.. وكذلك تعظيم الفائدة من الدعم الحكومي المقدم لها.. فما يعانيه أغلبها هو غياب الهوية والتنظيم المناسب فلا بد من التعرف على تجارب الغير والاستفادة من خبراتهم وفتح فرص المشاركة بين الطرفين السعودي والأمريكي لكي تتطور بيئة العمل لدينا بشكل أوسع.. فنحن دولة مستهلكة وتعتمد على الاستيراد الخارجي بشكل كبير.. ولا بد من توسيع الطاقة الاستيعابية محلياً لتحقيق عدة فوائد في آن واحد.
أن تكون مهيأ للفرص قبل أن تأتيك هي القاعدة الذكية المتبعة.. وما أسسته المملكة خلال السنوات الماضية أعطاها الميزة لاستثمار الفرص التي أتاحتها الأزمة المالية العالمية من خلال رفع إنتاج الطاقة النفطية وزيادة أعداد المتعلمين في الداخل والخارج بخلاف النقطة الأهم وهي نجاح المملكة في توفير احتياطيات مالية كبيرة وتأمين الحماية الكافية للاقتصاد الوطني لتخطي الأزمة الدولية القاسية مما أوجد المجال الواسع لكي تكون منطقة جذب للاستثمار يساعدها في كل ذلك نعمة الاستقرار والأمن والأمان الكبير والمكانة البارزة دولياً وموقعها الجغرافي المميز الذي يربطها بالشرق والغرب وتوفيرها لبيئة الأعمال المناسبة من خلال المدن الاقتصادية وغيرها من المزايا العديدة.