قال القانوني إبراهيم الناصري المستشار السابق لهيئة سوق المال أن أعضاء مجلس إدارة الشركات مسؤولين في أشخاصهم عن التعويض عن أي ضرر يلحق بالشركة بسبب سوء الإدارة أو مخالفة النظام. ولقيام هذه المسؤولية يشترط توافر ثلاثة أركان؛ الركن الأول: وقوع خطأ من المجلس، سواءً أكان ذلك الخطأ في سوء الإدارة أو مخالفة النظام حيث يمكن البت في مدى سوء الإدارة من خلال ما يُعرف بمعيار الرجل الحريص، أي أنه يفترض في المجلس إدارة الشركة وفقاً للمعايير العالية، فإذا أخفق في ذلك تحمل مسؤولية الضرر الذي يصيب الشركة بسبب هذا الإخفاق. ويكون القول الفصل لخبراء الإدارة في تحديد ما إذا كان مجلس الإدارة قد أساء إدارة الشركة في ضوء المعيار المشار إليه. وأكد الناصري أن عدم إبراء جمعية المساهمين ذمة مجلس الإدارة يجعله عرضة للدعاوى القضائية وفيما يلي ردود الناصري على أسئلة القراء.
أعلنت إحدى الشركات المساهمة عن قرارات جمعيتها العامة العادية التي كان من بينها انتخاب مجلس إدارة جديد للشركة وعدم إبراء ذمة المجلس السابق. فهل يعني ذلك مسؤولية المجلس السابق؟ وما هي حدود هذه المسؤولية؟. وما هي آلية مطالبته بتعويض الشركة عن أخطائه إن وجدت؟ وهل هناك قيمة قانونية لقرار الجمعية العامة عدم إبراء ذمة المجلس؟.
راضي عامر - جيزان
- بينت المادة (76) من نظام الشركات حدود مسؤولية أعضاء مجلس إدارة شركة المساهمة، حيث نصت على الآتي: (يسأل أعضاء مجلس الإدارة بالتضامن عن تعويض الشركة أو المساهمين أو الغير عن الضرر الذي ينشأ عن إساءتهم تدبير شئون الشركة أو مخالفتهم أحكام هذا النظام أو نصوص نظام الشركة وكل شرط يقضي بغير ذلك يعتبر كأن لم يكن. وتقع المسؤولية على جميع أعضاء مجلس الإدارة إذا نشأ خطأ عن قرار صدر بإجماعهم.. أما القرارات التي تصدر بأغلبية الآراء فلا يسأل عنها المعارضون متى أثبتوا اعتراضهم صراحة في محضر الاجتماع ولا يعتبر الغياب عن حضور الاجتماع الذي يصدر فيه القرار سبباً للإعفاء من المسؤولية إلا إذا ثبت عدم علم العضو الغائب بالقرار أو عدم تمكنه من الاعتراض عليه بعد علمه به). ويتضح من هذه المادة أن أعضاء مجلس إدارة الشركة مسؤولين في أشخاصهم عن التعويض عن أي ضرر يلحق بالشركة بسبب سوء الإدارة أو مخالفة النظام. ولقيام هذه المسؤولية يشترط توافر ثلاثة أركان؛ الركن الأول: وقوع خطأ من المجلس، سواءً أكان ذلك الخطأ في سوء الإدارة أو مخالفة النظام. يمكن البت في مدى سوء إدارة الشركة من خلال ما يُعرف بمعيار الرجل الحريص، أي أنه يفترض في مجلس الإدارة أن يدير الشركة وفقاً للمعايير العالية، فإذا أخفق في ذلك تحمل مسؤولية الضرر الذي يصيب الشركة بسبب هذا الإخفاق. ويكون القول الفصل لخبراء الإدارة في تحديد ما إذا كان مجلس الإدارة قد أساء إدارة الشركة في ضوء المعيار المشار إليه. أما إثبات الخطأ الناشئ عن مخالفة نظام الشركات أو نظام الشركة فأمر يعود تقديره للجهة القضائية المختصة. الركن الثاني: إلحاق ضرر في الشركة. ويجب أن يكون هذا الضرر قابلاً للتقييم المادي. ومن أمثلة الأضرار التي قد تترتب على سوء الإدارة تلف المصنع بسبب الإهمال في اتخاذ الاحتياطات اللازمة، أو إضاعة فرصة تجارية مهمة. ومن الأمثلة على الأضرار التي قد تترتب على مخالفة النظام فرض جهة تنظيمية غرامات على الشركة بسبب عدم تنفيذها واجب نظامي، أو تحمل الشركة أعباء أو امتيازات شخصية لأعضاء المجلس خلافاً للنظام. والركن الثالث: توفر السببية بين الخطأ والضرر، أي إثبات أن الضرر الذي لحق بالشركة إنما نشأ بسبب الخطأ المبين في الركن الأول. فإذا توافرت هذه الأركان الثلاثة أصبح مجلس الإدارة مسؤولاً عن تعويض الشركة عن الأضرار التي لحقت بها. أما آلية المطالبة بالتعويض فإنها مبينة في المادة (77) من نظام الشركات، التي نصت على الآتي: (للشركة أن ترفع دعوى المسئولية على أعضاء مجلس الإدارة بسبب الأخطاء التي تنشأ عنها أضرار لمجموع المساهمين وتقرر الجمعية العامة العادية رفع هذه الدعوى وتعين من ينوب عن الشركة في مباشرتها..). ويترتب على إبراء الجمعية العامة ذمة مجلس الإدارة عدم إمكانية رفع مثل هذه الدعوى ما لم يكن الخطأ متعلقاً بحالة غش أو تزوير، فقد ورد في نهاية المادة (77) النص الآتي: (... وفيما عدا حالتي الغش والتزوير تنقضي دعوى المسؤولية المقررة للشركة بموافقة الجمعية العامة العادية على إبراء ذمة أعضاء مجلس الإدارة من مسؤولية إدارتهم وفي جميع الأحوال لا تسمع الدعوى المذكورة بعد انقضاء سنة على تلك الموافقة). أما إذا لم تُبرئ الجمعية العامة ذمة مجلس الإدارة فإن دعوى المسؤولية لا تنقضي وإنما تظل سيفاً مسلطاً على أعضاء مجلس الإدارة يمكن لأي جمعية عامة لمساهمي الشركة رفعها في وقت لاحق.
تحتوي إعلانات الشركات على عبارات مثل الربح التشغيلي والربح الصافي، هل يمكن بيان الفرق بينها؟ وما هو الربح القابل للتوزيع؟
محمد السعيد - الرياض
- عندما يبدأ المشروع التجاري بالعمل فإنه يحقق دخلاً ناتجاً عن بيع المنتجات أو الخدمات (حاصل ضرب الكمية في السعر)، وعندما يُخصم من هذا الدخل التكاليف المباشرة للمبيعات، مثل تكلفة المواد الخام والوقود للمصنع، أو ثمن شراء الوحدات المباعة، يصبح الباقي (ربحاً إجمالياً). فإذا تم خصم التكاليف غير المباشرة من هذا الربح، مثل أجار مكتب الشركة، يسمى الباقي: (الربح التشغيلي). وبعد أن يُخصم من ذلك تكاليف التمويل (مثل الفائدة الربوية أو نحوها) والزكاة والضريبة يسمى الباقي: (الربح الصافي). وهذا الربح هو القابل للتوزيع بعد اكتمال بناء الاحتياطي النظامي. وفي مقابل الربح التشغيلي هناك ما يسمى الربح غير التشغيلي أو الربح غير المتكرر، وهو الربح الذي يتحقق لسبب عارض مختلف عن نشاط الشركة الرئيس، مثل الربح المترتب على بيع الشركة غير العقارية أرضاً بسعر أعلى من قيمتها الدفترية.
ورد في إحدى نشرات الإصدار في موقع هيئة السوق المالية بعنوان (التوقعات والإفادات المستقبلية) العبارة الآتية: (تمثل بعض التوقعات الواردة في النشرة إفادات مستقبلية عن طريق استخدام بعض الكلمات مثل: تخطط / تعتزم / تقدر / تعتقد / تتوقع / سوف /.. أو الصيغ النافية لهذه المفردات أو المعاكسة لها في المعنى وتعكس هذه الإفادات وجهة نظر الشركة الحالية فقط..) فما المقصود بهذه العبارة؟
فهد قاسم - المدينة
- هذا الجزء من نشرات الإصدار يتعلق بموضوع يسمى (البيانات والمعلومات المستقبلية forward-looking statements) ويقصد به المعلومات أو التوقعات التي تصدر عن الشركات وتتعلق بمشاريع أو منتجات أو خطط أو تطلعات مستقبلية لا يمكن الجزم بوقوعها سواءً ورد ذلك في نشرات الإصدار أو في الإعلانات أو البيانات الصحفية مما قد يعطي نتائج خادعة أو مظللة في شأن الاستثمار في أسهم الشركة. وبسبب إساءة استغلال مثل هذه البيانات والتوقعات المستقبلية فقد أحاطتها القوانين الأمريكية المنظمة للأوراق المالية بالريبة والشك، وعلى وجه الخصوص قانون الأوراق المالية في عام 1933، وقانون بورصات الأوراق المالية في عام 1934م. وأخذ هذا الموضوع حيزاً ملموساً من اهتمام هيئة الأسواق والأوراق المالية في الولايات المتحدة، فكانت الهيئة في البداية تمنع مثل هذه الإعلانات، ثم في بداية سبعينات القرن الماضي أصبحت تسمح بها بشروط، بل أصبحت تُشجعها لما لها من قيمة في تبصير المستثمرين بالتطورات المستقبلية للشركة. ولكن الشركات واجهت دعاوى ناجحة من المستثمرين في الحالات التي لم تتحقق فيها الوعود أو التنبؤات لأي سبب، فتوقفت الشركات عن نشرها. ومن أجل طمأنة الشركات وتشجيعها باتجاه الإفصاح عن مشاريعها المستقبلية أصدرت هيئة الأسواق والأوراق المالية في عام 1979م ما يُعرف بقاعدة الملاذ الآمن التي تقضي بأن نشر مثل هذه البيانات لا يعد تظليلاً ما لم يثبت أن الإعلان عنها كان يفتقر للسبب المعقول لتنفيذ ما ورد فيه، أو أنه أعد بسوء نية. ولكن هذه القاعدة لم تفلح في حماية الشركات من دعاوى التعويض المدنية وذلك بسبب وجود مبدأ في القانون الأمريكي يتيح الحصول على تعويض في مثل تلك الحالات، فاستمرت الشركات في حذرها من نشر الإعلانات المستقبلية إلى أن أصدر الكونغرس قانوناً في عام 1995 يسمح بنشر هذه الإعلانات بشروط وضوابط من بينها وجود تحذير واضح في الإعلان يدل على أن ما ورد فيه من عبارات تتعلق بالمستقبل إنما هي صحيحة فقط في الوقت الذي كُتبت فيه وأنها تعني مجرد وجود النية لتحقيقها، وأن الشركة ليست ملزمة بنشر إعلان لاحق في حالة تغير الظروف مستقبلاً. وعندئذٍ استأنفت الشركات نشر البيانات والتوقعات المستقبلية ولكنها درجة على أن تنشر معها عبارات تحذيرية نمطية مماثلة للعبارة الواردة في السؤال. ويبدو أن نشرة الإصدار التي أشار إليها السائل اتبعت هذا المنهج رغم أن نظام السوق المالية لا يمنع الشركات من إصدار توقعات مستقبلية. ولا يوجد دليل قوي على أن تلك العبارات التحذيرية النمطية تمثل ملاذاً آمناً في المملكة من أية دعاوى مستقبلية في حالة عدم تحقق التنبؤات المستقبلية.
إبراهيم بن محمد الناصري
ibrahim@alnaseri.com