Al Jazirah NewsPaper Saturday  01/05/2010 G Issue 13729
السبت 17 جمادى الأول 1431   العدد  13729
 
مجداف
الشركات المساهمة والمسؤولية الاجتماعية
فضل بن سعد البوعينين

 

أعود من جديد إلى قضية المسؤولية الاجتماعية التي ما زالت تبحث عمن يتبنى قرارها الإلزامي في نظام الشركات، بدلاً من تركها عُرضة لرغبات أصحاب المال والأعمال المتمنعين عن المساهمة في خدمة مجتمعهم الذي يجنون من خلاله الأرباح المتعاظمة.

كنت، وما زلت، أطالب بفرض مشاركة الشركات المساهمة، في برامج خدمة المجتمع على جميع الشركات المساهمة، والشركات العائلية الضخمة التي تستأثر بعقود حكومية تتجاوز في مجملها مئات المليارات، بواقع واحد في المائة من أرباحها الصافية. إلزام الشركات، وفق القانون، ربما يكون الوسيلة الوحيدة التي يمكن من خلالها تحويل المساهمة الاجتماعية من خيار يملكه الشركاء، ومجالس الإدارات، إلى حق مُلزم تكفله الأنظمة والقوانين الرسمية، فتتحول بذلك المساهمات الاجتماعية من (مِنَّة) إلى حق مشروع.

الهيئة الملكية للجبيل وينبع، وبفكرها الإداري التنموي المنفتح، ونظرتها الإستراتيجية الموجهة لخدمة الوطن باتت قريبة جدا من تحويل حلم إلزام الشركات الصناعية بتخصيص 1 % من أرباحها للتنمية الاجتماعية بالجبيل وينبع إلى واقع محسوس.

المهندس عبدالعزيز عطرجي، مدير عام الشؤون الفنية بالهيئة الملكية ورئيس لجنة التنمية الاجتماعية الأهلية بالجبيل، أكد في تصريحات صحفية لجريدة «الرياض» بأن «الهيئة الملكية قررت فرض تمويل نسبته 1% من أرباح الشركات لصالح التنمية الاجتماعية بمتابعة واهتمام وحرص كبير من قبل سمو رئيس الهيئة الملكية للجبيل وينبع الأمير سعود بن عبدالله بن ثنيان آل سعود الذي شدد على ضرورة إنفاذ هذا التوجه الجديد كبادرة يؤمل أن تسهم في تطوير المجتمعات الصناعية وتحقيق تطلعاتها ومتطلباتها التنموية بما يساير حجم النهضة الصناعية الضخمة والاستثمارات الهائلة التي ضخت بالجبيل الصناعية وتجاوزت تكاليفها 350 مليار ريال».

الأمير سعود بن عبدالله بن ثنيان سن سنة حسنه حين ألزم بعض الشركات الصناعية، في حفل تدشينها الرسمي، بتقديم تبرعات لخدمة المجتمع، ولعلها كانت الخطوة الأولى التي قادت الهيئة الملكية في تعميم تجربتها، ومبادرتها الأولى من خلال إنجاز مشروع يقضي بإلزام الشركات الصناعية الأخرى بالمساهمة المالية المقننة. الحس الوطني، والرغبة في البناء وتحقيق الأهداف الإنسانية النبيلة، والاعتراف بحقوق المجتمع، وإرساء مبدأ العدالة هو ما يدفع المخلصين، في الهيئة الملكية، لتبني مشروعات خدمة المجتمع، والإصرار على فرض تمويلها بعد أن كانت خياراً غير مُلزم.

ثقافة المسؤولية الاجتماعية ما زالت غائبة عن قطاع الشركات، ورجال المال والأعمال، ومغيبة عن الأنظمة والقوانين، والأعظم من ذلك تحول مساهمات خدمة المجتمع في نظر ديوان المراقبة العامة إلى شبهة مالية تستدعي التمحيص والتدقيق، في حال إرتباطها بالمؤسسات والهيئات الحكومية، ومن غير المستبعد المطالبة بمُصادرتها لمصلحة إيرادات وزارة المالية بدلا من توجيهها نحو مصارفها التنموية!!.

قبل صدور القرار التاريخي، والمنصف بفرض تمويل ما نسبته 1% من أرباح الشركات في مدينة الجبيل الصناعية لصالح التنمية الاجتماعية أُذَكِّر الأخوة في الهيئة الملكية بأن المنطقة الصناعية تقع بين مدينتي الجبيل، والجبيل الصناعية، بل إن مدينة الجبيل الأكثر تضرراً من مخلفات الصناعة، وأبخرة الصناعات البتروكيماوية الضارة، والتي حُرمت من الاستفادة من الهيئة الملكية والمنطقة الصناعية منذ إنشائها لأسباب تنظيمية صرفة، وأنها جزء لا يتجزأ من البيئة الحاضنة لتلك الشركات، ومصانعها الملاصقة لأحيائها السكنية، وإذا كان قرار إنشاء الهيئة الملكية الرئيس قد فصل بين الجبيل والجبيل الصناعية من حيث الإشراف، الإدارة، والتنمية لمصلحة الجبيل الصناعية، ما تسبب بحدوث الفجوة التنموية المهولة بين المدينتين المتلاصقتين، فآمل ألا يُعاد ارتكاب الخطأ نفسه بتخصيص مساهمات الشركات الصناعية لتغطية برامج خدمة المجتمع في مدينة الجبيل الصناعية في الوقت الذي تُستبعد فيه مدينة الجبيل!. أي قرار رسمي يُفترض أن يكون مُتضمناً الإشارة الصريحة للمدينتين المتلاصقتين، منعاً للتفسيرات والاجتهادات المستقبلية، وأن يُعطي الأفضلية لمدينة الجبيل لمساعدتها على النهوض، وتقليص الفوارق التنموية المهولة التي تفصلها عن ابنتها البكر «الجبيل الصناعية». استثناء مدينة الجبيل من عوائد مساهمات الشركات الصناعية الموجهة لبرامج خدمة المجتمع، إذا ما حدث؛ وهو أمر مستبعد بوجود رجال الهيئة الملكية المخلصين وعلى رأسهم سمو الأمير سعود بن عبدالله؛ فسَيُفَسَرَ على أنه تكريس لقرار الفصل الأول الذي بُرِّرَ على أنه خطأ تنظيمي غير مقصود!.

عوداً على بدء، فقرار مساهمة الشركات السعودية في برامج خدمة المجتمع يُفترض ألا يُترك لرغبات المجالس الإدارية، والشركاء الرئيسين، بل يجب أن يكون شرطا مُضمنا عقود التأسيس والتصاريح الرسمية.

***

F.ALBUAINAIN@HOTMAIL.COM



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد