كما أن الإرهاب يحتاج إلى تكاتف الدول وتعاونها للقضاء على هذا الوباء الأممي، كذلك المخدرات التي تعاظمت مشكلتها وأصبحت آفة تنخر في جسم الأمم، وتنهك الدول من خلال تدمير شعوبها وبالذات الشباب الناهض منها الذين تتطلع الأمم والدول إليهم ليؤدوا دورهم في نهضة المجتمعات وتطويرها، ولذلك فقد اعتبرت المخدرات إحدى أخطر الأدوات والأساليب المستعملة لتدمير الشعوب وهدم الدول. التي أخذت تكثف جهودها لمحاصرة هذه الآفة والقضاء عليها لحماية مجتمعاتها وشعوبها.
ضمن هذه الجهود وفي هذا السياق بدأت أمس أول ندوة إقليمية لمكافحة المخدرات تستضيفها المملكة وتشارك فيها أربع وعشرين دولة، والتي تعقد في ظل استشعار خطورة هذا الوباء الذي أصبح يشكل ثالث أخطر ما تتعرض له البشرية من مخاطر جسيمة، فالمخدرات أصبحت صنواً للإرهاب ومسببةً للفوضى وعدم الاستقرار ومثيرةً للأزمات ومدعمةً للجريمة الضلع الثالث لما تواجهه البشرية من مخاطر.
ولهذا فإن الجهات والأجهزة التي تنشئها الدول وهنا في المملكة تضطلع (المديرية العامة لمكافحة المخدرات) بهذا الدور، هذه المؤسسة الأمنية الوقائية التربوية وخبراء مكافحة المخدرات مع جميع المختصين التربويين والاجتماعيين يعون خطورة هذه المشكلة على جميع الشعوب والأمم، من خلال تداخلها وارتباطها بالجريمة المنظمة وقضايا غسيل الأموال وشبكات الإرهاب.
فقد وصل عدد مدمني المخدرات في العالم ممن تم تنويمهم في المستشفيات والمصحات العلاجية خلال عام (2008م) أكثر من (5) ملايين شخص ومثلهم (500) ضعف لم يتم تنويمهم من بينهم نسبة (10%) أطفال، كما يشير التقرير الدولي الصادر من الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات لعام (2008م) أن هناك (3) ملايين مدمن على المخدرات توفوا نتيجة إصابتهم بمرض الإيدز جراء تعاطيهم الهيروين عن طريق الإبر.
وعلى الرغم من الجهود التي تبذل في مكافحة المخدرات والوقاية منها في المملكة، ولا سيما ما يتم من جهود أمنية ووقائية وعلاجية وتأهيلية، إلا أن المتابع يلحظ انتشار تعاطي المخدرات، وذلك لكون المملكة إحدى الدول المستهدفة في عقيدتها وثرواتها، ولعل ما يؤكد استهداف المملكة من مهربي ومروجي المخدرات إحباط الأجهزة الأمنية مؤخراً العديد من محاولات تهريب وترويج المخدرات وهذا ما يستدعي ليس التعاون مع الدول لمحاصرة هذه الآفة والقضاء عليها، بل تكاتفاً ويقظة من المواطنين للمساعدة في تحصين بلادهم من هذا الخطر.
***