Al Jazirah NewsPaper Wednesday  28/04/2010 G Issue 13726
الاربعاء 14 جمادى الأول 1431   العدد  13726
 
مدائن
تعداد مملكة الحجاز ونجد
د. عبدالعزيز جار الله الجار الله

 

هناك باحثون لديهم قدرة الوصول إلى الغايات والمقاصد بمزيد من البحث والقليل من الحشو أو إعادة طباعة للمعلومات الدكتور محمد الصالح الربدي أستاذ الجغرافيا البشرية بجامعة الإمام محمد بن سعود تميز في أبحاثه الجغرافية في تقديم المعلومات السكانية بمنهجية ودقة في المعلومات دون الإطالة وإنجاز دائم للمعلومات المفصلية وتحليلها ففي كتابه الذي صدر منذ أيام بعنوان: الإحصاءات والتعدادات السكانية في المملكة العربية السعودية خلال 80 عاماً.

(1351-1431هـ 1932-2010م) رصد فيه بمنهجية سكانية تحليلية تاريخ الإحصاءات بالمملكة وكشف عن معلومات دقيقة جداً في حياتنا السكانية وحياتنا الإدارية والإجرائية وكيف أن بلادنا رغم أنها وصفت في بداية تأسيسها بأنها كانت تغط بالأمية والجهل وأن تركيبتها السكانية تغلب عليها البداوة التي تعيش على الترحال وأن حاضرتها معظمها قبائل مستقرة وبأن ريفها الزراعي والفلاحي غارق بالجهل والتخلف التقني والمعرفي ورغم ما وصفت به بلادنا بارتباطها بالأمية في بداية التأسيس إلا أن كتاب د. محمد الربدي كشف عن جوانب نيرة في الفكر الإداري المتقدم الذي كانت تدار به بلادنا وأن أدلتها الإجرائية وأنماطها الإدارية وسلوكها الثقافي كان يستمد من الدول المتقدمة في أوروبا مثل بريطانيا وفرنسا وأن بلادنا تدار بعقول مثقفة استعان بها الملك عبدالعزيز بنظام الإحصاءات حيث صدر نظام الإحصاء في 11-2-1351هـ نشر في صحيفة أم القرى في 19 صفر 1351هـ الموافق 24 يونيو 1932هـ وكان اسم بلادنا حينها مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها ويشير د. محمد الربدي إلى أن توحيد المملكة تم بعد ذلك التاريخ في 17 جمادى الأولى سنة 1351هـ الموافق 18 سبتمبر 1952م ويقول: «يبدو لي أنه تمهيد لإعلان توحيد المملكة». انتهى.

ولفت انتباهي في مواد نظام الإحصاءات التي جاءت في كتاب د. الربدي المادة الأولى وهي أسماء أفراد الأسرة الذكور وعددهم: الاسم، اسم الأب، والجد إذا عرف والشهرة (العائلة). انتهى

والتحليلات التي ذكرها المؤلف على اقتصار الإحصاء على عدد الذكور فقط دون الإناث واستعراضه للمقالات التي علقت على (استبعاد) النساء من الإحصاء ومنها مقال الأستاذ المؤرخ حافظ وهبه.

هذا الكتاب الذي أرى أنه مميز في مجاله يكشف عن الحالة الذهنية والفكر الإداري اليقظ والمتطلع إلى إحصاء السكان لتقديم الخدمة والرعاية ومعرفة الأجناس على ارض مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها حيث جاءت الحقول، البادية ثم الحاضرة يلاحظ البدء بالأغلبية والأكثرية البادية على سبيل المثال في الحجاز البادية (700.000) والحاضرة (400.000) نجد البادية (1.300.000) والحاضرة (800.000) وبذكر العناصر والجاليات من الأحباش والتكرور من إفريقيا والعناصر الصفراء من الجاوا والصين والتركستان والصقالبة وترك وأعجام وأفغان.

وهذه المعلومات تحتاج إلى دراسة وتحليل لأن التركيبة السكانية في المملكة من كل الفئات والعناصر هي التي تقود نهضة المملكة وتطورها وبناء هذا الكيان وما رافق ذلك من تحولات اجتماعية وسكانية واقتصادية خلال (80 عاماً).

بقي أن أقول إن الملك عبدالعزيز رحمه الله والفريق من المخططين الذين شكلهم للمساعدة في إدارة البلاد في تلك المرحلة المبكرة إن الملك كان يتمتع بالحكمة والحنكة وبعد النظر والفهم الاجتماعي العميق عندما أجل إحصاء وإعداد النساء إلى مرحلة قادمة تتسع فيها دائرة الوعي والنضج لأن الناس في ذلك الزمان يتحفظون على أسماء النساء وعلى أسماء عائلاتهم لأسباب اجتماعية وأمنية وبدافع الخوف وأسباب أخرى ومن ذلك الزمن 1351هـ 1932م وحتى اليوم 1431هـ2010م حيث تشارك النساء والإدارة النسائية في التنظيم والتعداد والإحصاء مسافة حضارية عاشتها المملكة بكل تشكلاتها فإذا كانت بلادنا احتاجت تأجيل بعض الإجراءات لحين اكتمال النضج الثقافي والمعرفي فإن الدولة وجدت نفسها في بعض المجالات بضرورة التدخل لإيجاد أنظمة تخطيطية وفرضها إذا كانت تصب في مصلحة المواطن والصالح العام مثل نشر التعليم في أوسع نطاقاته للذكور والإناث على حد سواء واستحداث الوظائف الطبية النسائية وابتعاث الطالبات مع محارمهن وفتح مجال الفرص الوظيفية بمعيار الكفاءة والجدارة للجنسين دون اشتراطات في ظل ما تسمح به شريعتنا السمحاء. وقد رأت دولتنا أن الوقت ليس في صالحنا إذا تأخرنا في مواكبة التحضر العالمي لأن هناك جيلاً سيدفع الثمن غالياً وتجعلنا في ذيل سلم الشعوب المتحضرة.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد