الجزيرة - عبدالعزيز العنقري
قال الخبير الاقتصادي الدكتور عبدالرحمن الحميد ل(الجزيرة): إنَّ الدعوى المرفوعة على بنك جولدمان ساكس من قِبل لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية بتهمة الاحتيال لن يكون لها أي تداعيات سلبية على الأسواق المالية في حال ثبوتها. مبينا أن الأسواق ذكية وتحسب التأثير قبل وقوعه؛ ففي العجلة الاقتصادية الكبيرة إذا ظهرت مشكلة في شركة أو شركات عدة فلن يكون لها تأثير قوي على الاقتصاد الكلي.
وأوضح الحميد أن ما يمكن أن يؤثر على توجهات الأسواق المالية حاليا هو ظهور مشاكل تتعلق باقتصاديات الدول, مثل ارتفاع العجز في الميزانية الأمريكية, أو ظهور تباطؤ في نمو الاقتصاد الصيني، أو ظهور أزمة كبيرة كتلك التي حدثت في اليونان، والتي أثرت سلبا على سعر صرف اليورو. وبيَّن الحميد أن المشكلة الموجودة الآن في كل أسواق العالم تكمن في عملية بناء الثقة في المراجعين القانونيين وفي معدّي القوائم المالية؛ حيث أخذت وقتا طويلا, وهذا ما يقرّب ويسمح بتدخل الحكومات، (وهذا غير مرغوب به) في إعادة هيكلة إعداد القوائم المالية والرقابة على البنوك, إضافة إلى عملية مراجعة القوائم المالية سواء كانت داخلية أو خارجية, وهذا ما تم العمل به في ثلاثينيات القرن الماضي وفي العام 2000 - 2001، وقد حقق بعض النجاح. وعن تأثيرات هذه القضية على مستقبل بنك جولدمان ساكس قال الحميد: إن المشاكل التي يتعرض لها البنك هي مجرد تصحيح في مساره، ولن تؤثر سلبا على أعماله ونشاطه في المستقبل.
وبدأت أمس جلسات استجواب الرئيس التنفيذي لجولدمان ساكس (لويد بلانكفاين) ومسؤولين كبار آخرين من قِبل اللجنة الدائمة للتحقيقات التابعة لمجلس الشيوخ الأمريكي. وكشفت اللجنة عن مجموعة من رسائل إلكترونية تُظهر أن مسؤولي جولدمان ساكس جنوا مبالغ مالية كبيرة في 2007 من أزمة الرهون العقارية عندما بدأ التخلف عن سداد الرهون يتسارع، وقال السناتور كارل ليفين رئيس اللجنة الفرعية: إن هذه الرسائل تبين أن جولدمان حقق أموالا طائلة عن طريق المراهنة على تراجع سوق الرهن العقاري. وأضاف أن بنوك الاستثمار مثل جولدمان ساكس لم تكتف بدور صانع السوق؛ بل روجت لأوراق مالية عالية المخاطر ومعقدة؛ بهدف تحقيق مكاسب شخصية، وهذا ما ساعد في إطلاق شرارة الأزمة العالمية.
وأفاد تقرير في صحيفة وول ستريت جورنال بأن خمسة مسؤولين تنفيذيين كبار في مجموعة جولدمان ساكس قد باعوا أسهما في الشركة في الفترة من أكتوبر 2009 إلى فبراير 2010 بعدما تلقوا إنذارا في يوليو 2009 باحتمال توجيه تهم بالاحتيال إليهم. وما زال جولدمان ساكس يصر على نفي الاتهامات. وكانت لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية قد رفعت دعوى مدنية في 16 إبريل الجاري تتهم فيها البنك بالاحتيال لقيامه بهيكلة وتسويق سندات دين مضمونة برهون التمويل العقاري عالية المخاطر، التي بلغت تكلفتها على المستثمرين أكثر من مليار دولار، إضافة إلى تقاعسه عن إبلاغ هؤلاء المستثمرين بأن هذه السندات التي اشتروها قد شارك في اختيارها صندوق التحوط (بولسون اند كو)، الذي استفاد من تراجع قيمة هذه الأوراق المالية عبر اتخاذه مركز بيع مقابل هذه السندات في رهان على أن قيمتها ستنخفض.
يُذكر أن بنك جولدمان ساكس بعد الأزمة العالمية الأخيرة أصبح أكثر بنوك وول ستريت نفوذا وقوة.