Al Jazirah NewsPaper Friday  23/04/2010 G Issue 13721
الجمعة 09 جمادى الأول 1431   العدد  13721
 
التدريب... لم يعد تكلفة!
خالد بن صالح العضيب

 

التدريب هو أحد المجالات التي زادت أهميتها في الآونة الأخيرة، وأصبح هذا النشاط من ضمن العوامل الرئيسية لنجاح منظمات الأعمال أو فشلها، وبالنظر بعين واعية إلى ذلك النشاط نجد أنه يعتبر حلقة هامة في سلسة أنشطة الموارد البشرية ذات الفعالية والتأثير الكبير على واقع المنظمات ومستقبلها، وتظهر أهمية التدريب في تلك السلسلة من خلال جوانب مختلفة من أهمها ما يلي:

* عندما تمتلك منظمة الأعمال سياسات استقطاب واختيار وتعيين جيدة، فإنّ ذلك يضمن الحصول على موارد بشرية جديدة ودخول دماء جديدة ذات كفاءة عالية، ومن خلال سياسات التعيين الفعّالة يمكن وضع تلك الكفاءات في الأماكن المناسبة لها، وهنا تظهر أهمية التدريب كأحد الأساليب التي تمكّن هذا القادم الجديد من التعرُّف على العمل في المنظمة وأساليبه وطرقه وتمكنه من اكتساب مهارات عملية تطبيقية، تضاف إلى رصيد مهاراته العلمية التي اكتسبها من خلال التعلم النظري في المعاهد والكليات المتخصصة، هذا من جانب، ومن جانب آخر يعمل التدريب على تهيئة الموظف الجديد وإدخاله إلى الجو العام للمنظمة، مما يسهل ويسرع عملية اندماجه في وظيفته وعمله.

* كذلك عندما تمتلك منظمات الأعمال أنظمة تقييم أداء وظيفي عالية الجودة والموضوعية والدقة، فإنّ ذلك كفيل بإبراز نواحي القوة والضعف في مواردها البشرية القائمة، ومن خلال نتائج ذلك التقييم تعمل المنظمة الواعية على دعم جوانب القوة فيها وتحقيق الاستغلال الأمثل لتلك النواحي وتنميتها، كما تعمل في الوقت نفسه على معالجة نواحي الضعف التي أظهرتها تلك النتائج، ولعل من أهم وسائل تلك المعالجة هو التدريب، والذي يمكن من خلاله العمل على رفع كفاءة الموارد البشرية في المنظمة، وتزويدهم بكل ما هو جديد في مجالات الأعمال المختلفة على اختلاف تخصصاتهم، وذلك بشكل يجعلهم يواكبون التطورات ومستجدات العلوم والتقنيات، وبالتالي الرفع من مستويات أدائهم وإنتاجيتهم.

* هناك جانب آخر للتدريب قد يخفى على الكثير أنه ذو أهمية عالية، ألا وهو الدور الذي يلعبه التدريب في تكوين اتجاهات إيجابية لدى الموظف تجاه عمله والمنظمة التي يعمل بها، فالتدريب يزيد من فهم الموظف لمهام وأنشطه عمله ويرفع من مستوى مهاراته، وبالتالي يزيد من قدرته على التنفيذ ومعالجة المشاكل التي قد تواجهه وإتقانه لذلك العمل، ويعزز ثقته بنفسه وهذا كله يساعد على التقليل من ضغوط العمل ويزيد من مستويات الرضا الوظيفي لديه، وهذا من شأنه أن يعكس جوانب إيجابية أخرى مثل زيادة الولاء والانتماء والدافعية والإنتاجية والإبداع، وهناك بعض الدراسات التي عملت على فهم هذا الجانب واكتشافه، ومن هذه الدراسات دراسة (Steven W. Schmidt , 2007) والتي طبقت على عينة مكوّنة من 552 موظفاً في تسع منظمات في أمريكا وكندا، حيث عمل الباحث على دراسة العلاقة بين رضا الموظف عن التدريب في مكان العمل (كأحد أنواع التدريب) والرضا الوظيفي العام للموظف، وقد أثبتت هذه الدراسة أنّ هناك علاقة طردية قوية بينهما، كما أنّ هناك دراسة أخرى للدكتور عبدالله البريدي عام 2008م، حيث قام الدكتور البريدي بدراسة العلاقة بين الثقافة التنظيمية والرضا الوظيفي، وذلك بالتطبيق على إحدى الكليات التقنية في السعودية، وقد كانت العينة تمثل 843 طالباً و100 أستاذ في إحدى الكليات التقنية، وقد وجد الباحث أنّ هناك ارتباطاً إيجابياً بين الثقافة التنظيمية والرضا الوظيفي، وقد شملت الثقافة التنظيمية في هذا البحث بعض المكونات الإيجابية وهي (تشجيع الإبداع - تدعيم الولاء التنظيمي - شحذ الدافعية الداخلية - تعزيز الثقة في الذات والقدرات والمهارات داخل مناخ العمل)، كما أن هناك دراسة أخرى لمجموعة من الباحثين من كوريا الجنوبية وهم (Jeong , Chung , Choi , Sohn and Song, 2006) حيث طبقوا هذه الدراسة على عينة مكوّنة من 1029 طبيباً من أطباء الأسنان في كوريا الجنوبية، وقد أظهرت الدراسة أنّ هناك خمسة عناصر في بيئة العمل تعتبر عوامل مهمة وذات تأثير في الرضا الوظيفي، وهذه العوامل هي: العلاقات مع المرضى (العملاء)، نسبة الدخل، الوقت الشخصي (وهو مدى توفر وقت لممارسة الحياة الشخصية والراحة)، الزملاء، التدريب وهو محور حديثنا).

إنه وبالرغم من الأهمية العالية للتدريب والتي أوضحنا بعضاً منها في الفقرات السابقة، إلاّ أنه لا يزال يُنظر إلى التدريب على أنه جانب تكميلي وشكل من الشكليات التي تنتهجها المنظمات، بل إنه لا يرقى إلى مستويات عالية من الأهمية ولا ينظر إليه على أنه أداة هامة تمكن المنظمات من الحصول على ميزة تنافسية Competitive Advantage هذا بالنسبة للقطاع الخاص، أما بالنسبة للقطاع الحكومي فنجد أنّ فرص الالتحاق بالدورات التدريبية قليلة نتيجة للاعتماد بشكل كبير على معهد الإدارة العامة، كما أن الموظف هو من يسعى بنفسه للحصول على فرصة للالتحاق بالدورات التدريبية والمنظمة فقط دورها هو الإعلان عن تلك الدورات لموظفيها، والهدف الرئيسي الذي يسعى إليه الموظف من ذلك هو الحصول على نقاط تمكنه من الحصول على الترقية وتحقق له الأسبقية على غيره فيها دون النظر إلى الأهداف الأساسية من التدريب، والتي يُفترض أن تكون على قائمة الأولويات سواء للموظفين أو للمنظمات.

والخلاصة أنّ التدريب يجب أن ينظر إليه على أنه استثمار طويل الأجل وليس تكاليف تشغيلية، وهذا الاستثمار موجّه نحو الموارد البشرية باعتبارها مورداً Resource مثله مثل باقي الموارد الآخرى المالية، التكنولوجية، ..الخ والتي تعطي المنظمات قدرات تمكنها من التفوق والإبداع في مجال العمل وتستطيع المنظمات عن طريقها مواجهة كافة التحديات، وهذا كله له انعكاساته وآثاره الإيجابية في تحقيق التنمية والرقي والتقدم لبيئة الأعمال بشكل خاص وللمجتمع ككل بشكل عام.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد