Al Jazirah NewsPaper Friday  23/04/2010 G Issue 13721
الجمعة 09 جمادى الأول 1431   العدد  13721
 
اطلبوا الشفاء على شبكة الإنترنت
استير دايسون

 

هناك ظاهرة مثيرة للاهتمام يشهدها عالم الرعاية الصحية في الولايات المتحدة، وبعيداً تماماً عن كل الضجة المثارة حول التغييرات التي طرأت على نظام التأمين الصحي في البلاد، فقد بدأ الأفراد في تولي زمام صحتهم بأنفسهم ومحاولة تجنب الاحتياج إلى الرعاية في المقام الأول. وتماماً كما انتقل الناس منذ فترة طويلة من أجهزة الحاسب الآلي المركزية التابعة للمؤسسات إلى أجهزة الحاسب الآلي الشخصية، فقد بدؤوا الآن في التحرك نحو الانتقال من الأدوات المؤسسية إلى الأدوات الشخصية في التعامل مع صحتهم، ليس لعلاج أمراض خطيرة مثل السرطان بكل تأكيد، ولكن لأغراض الرصد الصحي اليومي وسبل الوقاية من المرض.

ولتيسير هذا الانتقال فإن الأمر يتطلب التقاء مجموعة من الاتجاهات والميول. فأولاً، بات من الواضح أن العديد من المشكلات الصحية راجعة إلى سلوكيات شخصية: الإكثار من الأطعمة والمشروبات غير الصحية، والإكثار من التدخين، والإقلال من النوم أو ممارسة الرياضة. وقد لا تحمل هذه الرؤية أي جديد، ولكن من السهل الآن أن نتتبع السلوك الشخصي. فكما نستطيع استخدام البرمجيات المالية لإدارة أموالنا، بات بوسعنا الآن أن نستخدم مجموعة متنوعة من أدوات البرامج لمراقبة سلوكنا الشخصي وبياناتنا الإحصائية الجسمانية.

والواقع أن العديد من هذه الأدوات كانت عبارة عن ابتكارات صممها الناس في البداية لخدمة أنفسهم. على سبيل المثال، أنشأ جيه. جيه. آليير برنامجاً لإنقاص الوزن تحت مسمى Lose It!، وهو تطبيق صممه لنفسه ليعمل على أجهزة ال iPhone، فنجح في إنقاص وزنه من 88 كيلوجراماً إلى 77 كيلوجراماً، وكسب نحو 4,5 ملايين مستخدم للتطبيق الذي أنشأه في الأساس لنفسه. ومثلهم كمثل مؤسسي نادي الحاسب الآلي Homebrew Computer Club، وهم مجموعة رائدة من مدمني الكمبيوتر الذين التقوا في بيركلي في الثمانينيات، بدأ العديد من الناس في ابتكار الأدوات ثم اكتشفوا فيما بعد أنهم توصلوا بذلك إلى فرصة تجارية عظيمة. والآن يلتقي العديد من المهتمين الجدد بمسألة «الصحة المنزلية» في إطار ما يطلق عليه «اللقاءات الذاتية الكمية»، حيث يستعرض البعض البرمجيات التي ابتكروها ويأتي آخرون لكي يتعلموا أو يقارنوا بين بياناتهم وبيانات الآخرين.

وتشتمل الأدوات التي يستخدمونها على كل شيء، بداية من عدادات الخطى - التسارع التي تراقب الخطوات والحركة (مثل برنامج FitBit وغيره) إلى أدوات مراقبة النوم (MyZeo)، وبرامج قياس النبض والقلب، ومراقبة نسبة الجلوكوز في الدم (لمرضى السكري في الأغلب). كما يحسب الناس أيضاً استهلاكهم للأغذية. وتماماً كما يمكنك أن تستخدم حاسبك الشخصي لإدارة أمورك المالية طبقاً لميزانية محددة، فبوسعك أيضاً أن تتولى إدارة وظائفك البدنية.

والأمل معقود على هذه البيانات في تمكيننا من تعديل سلوكياتنا في الاتجاه الصحيح. وفي العديد من الحالات بدأت أتصرف على نحو طيب بالفعل: فأنا أسبح لمدة خمسين دقيقة يومياً، وأستخدم الخيط لتنظيف أسناني بانتظام، وأتناول طعامي بحكمة، وهكذا. ولكن الآن بعد أن أصبحت أستخدم تطبيق مراقبة النوم MyZeo (لا أعاني من مشكلات خاصة بالنوم)، لاحظت تغيراً هامشياً في سلوكي الخاص حين أخرج ليلاً. ففي بعض الأحيان أجد نفسي أكثر تحمساً لمغادرة المكان مبكراً، على أمل إحراز نقاط نوم إضافية على تطبيق الرصد! والواقع أنه أمر ضئيل، ولكنه يشكل ذلك النوع من التغيير الذي يتراكم مع الوقت.

ولعل الأدوات الاجتماعية تكون أعظم فعالية وتأثيراً، وهي أدوات تستخدم ما يطلق عليه «ديناميكيات اللعبة». فكما تستطيع أن تجمع النقاط من خلال التعاون مع الآخرين في ألعاب الفيديو مثل لعبة World of Warcraft، فيمكنك أيضاً أن تجمع النقاط بالتنافس أو التعاون مع أصدقائك في مجال السلوك الصحي. وهناك خدمات تجعل من الصحة لعبة جادة حيث يستطيع آخرون أن يعززوا من قوة إرادتك.

ولنتخيل معاً ذلك النادي الصحي الذي لا يهددك، بل يرسل إليك بدلاً من ذلك رسالة تقول: «جوان تنتظر هي وأليس انضمامك إليهما في رفع الأثقال اليوم في الرابعة مساءً»، أو «فريقك متخلف بأربع نقاط فقط عن الفريق الأزرق. برجاء الحضور لمساعدتنا في تحقيق الفوز». وهناك خدمة قائمة أخطط للمشاركة فيها، على موقع www.GetUpandMove.me، وهذه الخدمة تسمح لك بتحدي أحد الأصدقاء: «سوف أسبح لمدة خمسين دقيقة إذا تمكنت أليس من الركض حول المربع السكني أربع مرات». ويتم نشر هذا التحدي على موقع الفيس بوك أو تويتر، التماساً للتشجيع من أصدقائك.

في الوقت الحالي ما زالت هذه السوق غير متماسكة، وهذا أشبه بحال أجهزة الحاسب الآلي الشخصية في أوائل أيامها. فلا يوجد اتصال بين التطبيقات المختلفة؛ ومن الصعب أن تقارن بين تدريباتك وبين أنماط نومك، أو تتبادل البيانات مع غيرك من الناس.

ولكن هنا تكمن الإثارة: فهناك العديد من الشركات في مراحلها المبكرة، تبحث عن التمويل والشركاء. وقد لا يكتب البقاء كل هذه الشركات؛ ولكن مع بعض الحظ فقد يندمج بعضها. فالشركات التي تتسم بتكنولوجيا ناجحة ولكنها تعاني من رداءة التسويق سوف تجد غيرها من الشركات التي تفتقر إلى التكنولوجيا الجيدة ولكنها تتسم بالبراعة في إدارة علميات التسويق. وسوف تبدأ الشركات العاملة في مجال برمجيات الدعم في خلق واجهات التطبيق القادرة على المزاوجة بين التطبيقات الرائدة؛ وكذلك سوف تبدأ تطبيقات أخرى بربط أنفسها ببرمجيات الدعم.

ولكن كيف يتسنى لنا تغطية تكاليف كل هذا؟ في البداية، سوف تتحمل أوائل الشركات المتبنية أغلب تكاليف هذه الأدوات والخدمات؛ وغيرها سوف تجد الرعاة في الجهات المعلنة. وإنه لمن المفيد أن نقتنع بفعالية مثل هذه التطبيقات والخدمات، ولكن حتى الآن ما زلنا نفتقر إلى الأدلة الكافية. والواقع أن شهادات البائعين من قبيل «تسعة من كل عشرة مستخدمين راضون تمام الرضا عن النتائج» لن تكون مقنعة إلى حد كبير، وذلك لأن هؤلاء الذين يفشلون في التحسن سوف يفقدون اهتمامهم ورغبتهم في المشاركة.

خاص بـالجزيرة



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد