Al Jazirah NewsPaper Friday  23/04/2010 G Issue 13721
الجمعة 09 جمادى الأول 1431   العدد  13721
 

حديث المحبة
ميثاق وطن
إبراهيم بن سعد الماجد

 

أنت وأنا وهو وهي مواطنون لا فرق بيننا في الواجبات والحقوق، سواسية أخذ وعطاء، أو على الأقل هذا هو ما يجب أن يكون.

إن كان فيه من اعتلى وعلى على أكتاف بعضنا ومن حقوق البعض الآخر فهذا لا يعني أننا نتهاون في أداء واجبنا الوطني تجاه وطن هو مليء القلب والبصر، وإن كان فيه من كشر عن أنياب من خبث ونفاق وخداع، فهذا لا يعني أن الكل في السوء شركاء، نمقت بكل وثوق كل من يحاول النيل من هذا الوطن أرضا وقيادة ومنهج حياة، نناضل من أجل أن يبقى هذا الوطن نقياً وقوياً كما أراد له مؤسسه رجل التاريخ، الرجل الفذ، الرجل المعجزة بكل مقاييس القيادة عبدالعزيز بن عبدالرحمن - رحمه الله - نسعى لأن نكون دوماً قدوة كما نحن قبلة للمسلمين.

عبدالعزيز أراد لهذه الأرض أن تكون طاهرة من كل رجس في القول والعمل وكان له ما أراد في زمن وجيز وبظروف قاسية ومرحلة استثنائية أدارها وبكل حنكة وحكمة رجل استثنائي.

واليوم ونحن نستظل تحت أفياء هذا الإنجاز العظيم.. ثمرة جهاد وكفاح عبدالعزيز ورجاله الغر الميامين حري بنا أن نكون على قدر المسؤولية وأن نحافظ على هذا الإرث الجميل، هذا الإرث الموروث عن سيرة سيد المرسلين عليه أفضل الصلاة والتسليم.

جاء عبدالعزيز وكان أول ما صدح به صادح الدولة أن الملك لله في إعلان صريح أن الدولة دولة توحيد لله سبحانه وتعالى، ثم لمن يقوم بالدفاع عن هذه العقيدة..

عبدالعزيز، الملك لله ثم لعبد العزيز جلجل صوت التوحيد مدوياً مع صوت الوحدة في كل أرجاء الرياض، فكانت الاستجابة أسرع من الصوت، لأن الناس كانوا في حاجة لقوة روحية قبل أي قوة أخرى كانت النفوس تنتظر من يزكيها ويهديها إلى سواء السبيل ويصحح مسارها ويعيدها إلى جادة الصواب ونهج الحق الذي جاء به سيد المرسلين عليه أفضل الصلاة والتسليم.

أسس عبدالعزيز هذا الكيان الشامخ وسعى لرفعة هذا الوطن كي يذود عن حياض الدين ويحمي حوزته الشريفة، وما ذلك إلا لما يعتمر قلبه من تقوى لله سبحانه وتعالى خوفاً ورجاءً، فكان - رحمه الله - صارماً قوياً، ولكنه ضعيفاً مستسلماً عندما يكون القول قول الله ورسوله، ولذا أعزه الله ونصره وأيده.

في عهد المؤسس لم تسلم الدولة من بعض المكائد والخطط من الأعداء في الداخل والخارج ومع كل هذا كان النصر دوماً حليف عبدالعزيز على الرغم من قلة العدد والعتاد، لأن النصر يجيء دوماً من السماء.

وحد البلاد وجمع العباد، فكانت الوحدة وكان التوحيد، فعمرت الأرض وعمرت القلوب.

رحل الموحد وجاء من بعده أبناء بررة ساروا على نهجه ما استطاعوا على الرغم من المتغيرات الكبيرة داخلياً وخارجياً، صمدوا وجاهدوا وناضلوا لتبقى هذه الدولة كما أراد لها مؤسسها، على الرغم من كثرة سهام الحقد التي وجهت لهذا الكيان والتي ارتدت بفضل الله لصدور وقلوب مرسليها، فثبت الوطن واطمأن المواطن وعلا البنيان.

واليوم ونحن في أوج نهضتنا ووحدتنا يأتي من يحاول أن يعكر هذا الصفاء ويكدر هذا النقاء، وليته آت من بعيد لكانت المشكلة أهون ولوجدنا لها أكثر من تبرير، ولكن المصيبة عندما يفسد هذه الأجواء الجميلة من ينعم برخائها عن حسن نية في أحايين كثيرة وعن سوء نية وقصد مبيت للتخريب في أحيان أخرى، ولعل ما يدور في الساحة الإعلامية من سجال يضر أكثر مما ينفع، نقد وهجوم وشتم وازدراء بين فئات من المجتمع لا أريد أن أسميها حتى لا أدخل في نفس النفق الذي أريد للمجتمع أن يخرج منه، تشكيك في ولاء واتهام وزندقة وتطرف وتشدد وخواء وقلة فقه وعقل ومروءة وإلى آخر ما يمكن أن يطلق عليه من وصف فهو يهدم ويشتت ويفرق مهما كانت النوايا والمقاصد.

لعل هذه المشادات الكلامية والمعارك الجدلية هي خير مثال على تعكير صفو الأجواء وإثارة نعرات الفتن عن جهل أو عن قصد والطامة كبرى في كلتا الحالتين.

وكما قال الشاعر:

إن كنت تدري فتلك مصيبة

وإن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم

هذه السجالات أو قل (الخربشات) في جدار الوطن هي الخطر الداهم الذي يجعل من الفريق فرقاء ومن الجماعة جماعات فيسهل نهش هذا الجسد ويطيب ابتلاعه لكل غادر ومتربص.

أردت من خلال كلماتي هذه أن أسقط بقعة ضوء على ما يجري من أحداث وأحاول أن أضعها على مائدة البحث في عهدة أصحاب الشأن والقرار على أمل إيجاد الحلول وسن (ميثاق وطن) يلتزم به الجميع حفاظاً على هذه الوحدة وهذا الإرث الحضاري والثقافي العظيم وعلى مظلة الأمن التي تخيم على مساحات وطننا الشاسعة، وأن يكون الجميع مسؤول مسؤولية شخصية عن كل ما من شأنه أن يكون سبباً في مثل هذا العراك الكلامي ويجب أن ينتبه لعباراته الجاهل الذي يلقي الكلام على عواهنه وأن نكشف النوايا السيئة لمن يضمر لهذه البلاد السوء ولمن تفور في صدره نار الحقد والضغينة.

وما أحوجنا جميعاً لأن نوحد جهودنا ونرص صفوفنا لمواجهة كل من يتربص بوحدة هذا الوطن المقدسة وما أجمل أن نردد جميعاً ما قاله الأمير عبدالله الفيصل - رحمه الله -:

أفديك يا وطني إذا حم الفداء

بأعز ما جادت به نعم الحياه

كل الوجود وما احتواه إلى الردى

إلا هواك يظل مرفوعاً لواه


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد