Al Jazirah NewsPaper Thursday  22/04/2010 G Issue 13720
الخميس 08 جمادى الأول 1431   العدد  13720
 
شيء من
الطائف ظَمْأَى
محمد بن عبداللطيف آل الشيخ

 

يبدو أننا سنواجه مشكلة مع المياه هذا الصيف غير مسبوقة. الطائف بدأت تصرخ، وأهل الطائف يستغيثون، ويؤكدون أنّ مأساتهم مع المياه بدأت مبكراً هذا الصيف.

تلقّيت رسائل عدّة من الطائف تطلب مني الكتابة عن شح المياه، وتطنيش فرع وزارة المياه في الطائف لاستغاثات السكان، خاصة وأنّ الصيف لم يبدأ بعد، فكيف عندما ينتصف الصيف، وتجلد سياط الشمس المحرقة مصيفنا الذي كان جميلاً؟

أهل الطائف يؤكدون: أصحاب الوايتات هم (المستفيدون) كما تستفيد الطحالب التي تعيش على مآسي الآخرين. كانت المياه تأتي بمعدّلها الطبيعي كل خمسة عشر يوماً في السابق، وفجأة، ودون سابق إنذار، يُصبح الماء لا يأتي إلاّ كل شهر، أي أنّ المدة تضاعفت دون أن يكون هناك سبب مقنع لهذا التأخير. يقولون إنّ سوّاق الوايت في الطائف (مهيّص) هذه الأيام، فقد أصبح من عِليَة القوم مقاماً ودخلاً مادياً؛ فهو الآن كالحصان الأصيل (يقاد برسنين)؛ فالذي يعرف صاحب وايت، أو يعرف ابن عم له، أو ابن خال، أو قريب، أو حسيب، فقد غادره الظمأ إلى غير رجعة، أما من لم (يحتط) للأزمة، ويُصاحب سواق وايت، أو قريباً أو حسيباً لسواق وايت، فستصبح حياته مزرية، كئيبة، يحفها الظمأ من كلِّ جانب؛ ما لم (يتوسّط) له أحدٌ عند سوّاق وايت لينفحه بوايت أو وايتين!

وحسب ما ذكره مصدر مسؤول في فرع وزارة المياه في الطائف لجريدة المدينة فالمشكلة سببها قلّة الكميات الواردة للطائف التي لا تغطي جميع الأحياء. طيب؛ من المسؤول عن هذا الشح في المياه؟ ثم لماذا كانت المياه (في معدّلها المعتاد) قبل شهر من الآن، وما الذي جعل النقص لا يظهر إلاّ خلال هذا الشهر؛ هل يستطيع المصدر المسؤول أن يجيب؟

كنا في زمن والدي - رحمه الله - نهرب من سياط شمس الرياض المحرقة إلى الطائف؛ ومازال عالقٌ في ذاكرتي من تاريخي في هذه المدينة الوادعة العذبة الجميلة أطيب وأحلى الذكريات، فقد كانت الطائف مدينتي الثانية بعد الرياض إبّان مدارج الطفولة وملاعب الصِّبا. كانت الوسيلة الوحيدة للسقيا آنذاك في الطائف (الوايتات) لأصحاب البيوت الكبيرة، أو (السّقا) لأصحاب البيوت الصغيرة. السقا كان يحمل الماء في (تنكتين) مُعلقتين في طرفي قصبة يضعها بشكل أفقي فوق كتفيه وخلف رقبته ويسقي بها أهل تلك الدور. وكانت أزقّة الطائف وساحاتها تعج بهؤلاء السقاة طوال اليوم من الصباح وحتى غروب الشمس. تطوّر كل شيء في الطائف، وتغيّرت كثيرٌ من معالمها، غير أنّ مشكلتها مع الماء مازالت كما هي منذ أربعين سنة وحتى اليوم لم تتغير. ويبدو أنّ أهل الطائف سيضطرون للعودة إلى (السقا) كما كان الآباء والأجداد يستقون، طالما أنّ الطائف ليس لها في حسابات وزارة المياه ما يشفع لها، أو قل: يتوسط لها كغيرها من (مدن) المملكة الأخرى التي وصل بيروقراطيوها إلى مواقع وظيفية مكّنتهم من أن (يفزعوا) لمناطقهم فانهالت عليها الخدمات من كل حدب وصوب، وبقي أهل الطائف يبحثون (فقط) عن شربة ماء في يوم قائظ فلا يجدون.

إلى اللقاء.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد