Al Jazirah NewsPaper Thursday  22/04/2010 G Issue 13720
الخميس 08 جمادى الأول 1431   العدد  13720
 
عبدالرحمن بارود - يرحمه الله -
عبدالرحمن بن صالح العشماوي

 

رسالة قصيرة في سطر ونصف السطر على شاشة «الجوال» استطاعت أن تفتح أمامي أفقاً فسيحاً من الإحساس بمرارة الفراق، وحلاوة الذكر الحسن، والسيرة العطرة، والخلق النبيل، والشاعرية الفذة المتألقة. رسالة بعث بها إليّ الأديب الشاعر الأخ د. عادل باناعمة تحمل نبأ وفاة الشاعر

الإسلامي «شاعر الدعوة الإسلامية» كما يسميه من كتبوا عن مسيرته، الدكتور «عبد الرحمن بن أحمد جبريل بارود» - رحمه الله -، الذي توفي في مستشفى جامعة الملك عبد العزيز بجدة يوم السبت 3-5-1431هـ، ويا لها من رسالة فتحت بوابة الذكرى لأرى من خلالها صوراً منقوشة في الذاكرة لأمسيات شعرية شاركت فيها مع الفقيد في مدينة جدة، كنت والجمهور نستمتع بشعره المتين المتألق المحلق في سماء الإبداع الفني، ونفيد من ثقافته المنوعة، ومعلوماته الغزيرة الموثقة عن فلسطين التاريخ، وفلسطين القضية.

عبد الرحمن بارود، صوت شعري عربي إسلامي متميز، لرجل ولد ونشأ في أعماق قضية فلسطين، قضية المسلمين الأولى، فهو من مواليد قرية «بيت دراس» عام 1937م وهي قرية قريبة من عسقلان من لواء غزة، وهي قرية كمعظم قرى فلسطين السليبة ذات بساتين وحدائق تبهج الناظرين، ظل في القرية حتى كان العام الفاصل في مسيرة فلسطين عام 1948م، حيث كان الاحتلال المدعوم من القوى الكبرى في ذلك الوقت وفي مقدمتها بريطانيا، احتلال اليهود لفلسطين بالظلم، ووعد بلفور الجائر، والحديد والنار، وتقاعس العرب والمسلمين، وكان نصيب قرية الشاعر الكبير عبد الرحمن بارود من سطوة الأعداء كنصيب غيرها من قرى فلسطين التي دمرها العدو الغاشم، وكان نصيب هذه القرية «بيت دراس» قرية الشاعر من البطولة في مواجهة العدو نصيباً كبيراً أيضاً، فقد واجهت العدو بشراسة، وصدته مرتين، وقتلت من جنوده مائتين وأربعين، فتراجع عنها مهزوماً، ولكنه جهز لها حملة قوية فاقتحمها واستشهد من أهلها مائتين وستين، وتشرد أهلها بعد ذلك فخرجت أسرة شاعرنا عبد الرحمن بارود مع غيرها من الأسر عام 1948م وكان عمره أحد عشر عاماً رحمه الله.

استقر مع أسرته في مخيم جباليا للاجئين، في حياة المخيمات الفلسطينية المشحونة بالمعاناة، وهو شاهد رأى وسمع وعاصر الأحداث، ولديه من أخبارها ما يدمي القلب، وتوجه إلى طلب العلم بتفوق وحصل على منحة من وكالة الغوث للاجئين، فأكمل دراساته العليا في كلية الآداب بجامعة القاهرة، حيث التحق بعد حصوله على الدكتوراه بجامعة الملك عبد العزيز في جدة استاذاً بارعاً مؤثراً حتى عام 1422هـ، حيث تقاعد واستقر في جدة يقرأ ويكتب، ويستقبل في منزله طلاب العلم وشداة الأدب، وأهل فلسطين من قريته وغيرها، وينافح عن الحق العربي الإسلامي في فلسطين بشعره العربي الإسلامي المتألق.

كان في بعض اللقاءات الأدبية العامة التي التقيت به فيها يقدر قيمة الالتزام في الأدب، ويرى أن الأديب العربي المسلم يرتقي إلى مراتب المجاهدين بالكلمة حينما يلتزم بدينه، ويحمل همَّ قضايا أمته.

لقد توفي الشاعر الكبير عبد الرحمن باورد - رحمه الله- وترك لنا أدباً راقياً وشعراً عربياً إسلامياً متألقاً من الناحيتين الشكلية والمضمونية، فهو مبدع في شعره، جزل في عباراته، متألق في تراكيبه وصوره الفنية. عزائي لأهله وذويه ولكل عربي مسلم يقدر مثل هذه القامات السامقة..

إشارة:

يقول عبد الرحمن بارود: فالله غايتنا وقائدنا أمير الأنبياء.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد