دخول المملكة عصر الطاقة الذرية والمتجددة بعد صدور الأمر الملكي الكريم بإنشاء مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة يُعد نقطة تحول إيجابية كبيرة في مستقبل الاقتصاد السعودي بكل المقاييس.. فالاستخدامات الكبيرة التي توفرها هذه الطاقات كبيرة وعديدة.. كما أنها خطوة أساسية متوجة للتوسع الكبير في مجالات التعليم والبحث العملي التي أصبحت طابع جل الجامعات خصوصاً بعد إنشاء جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية واحتضان الرياض لأمانة منتدى الطاقة الدولي.
وإذا كانت الكهرباء عصب الحياة والشريان المغذي للصناعة السعودية فإن حجم الطلب عليها يرتفع بمعدلات كبيرة تصل إلى 6% سنوياً.. وتُقدر الدراسات أن حجم الاستثمارات المطلوبة لزيادة توليد الكهرباء تصل تكلفتها إلى قرابة 300 مليار ريال خلال أقل من عشر سنوات حتى يصل حجم الفائض عن الاستهلاك إلى 10% حسب المقاييس العالمية فإن الاستنزاف الآخر سيكون للطاقة الأحفورية النفط والغاز لتشغيل هذه المحطات بخلاف حجم التكلفة الكبير.. وبالتالي فإن دخول مصادر جديدة لتوليد الكهرباء كالطاقة النووية والمتجددة كالشمسية والرياح سيغير من حجم التكاليف وبالتالي يوفر مئات الآلاف من براميل النفط التي يمكن أن تحقق عائداً أفضل للاقتصاد بخلاف توسيع استخدامات الصناعات النفطية من خلال توفير هذه الطاقة التي تستنزف حالياً كمصدر وحيد لتوليد الكهرباء.. كما أن الطاقة الشمسية التي تتوفر في المملكة بحكم الطبيعة والموقع الجغرافي تُمثل ميزة نسبية مهمة للاستفادة من مصدر آخر للطاقة خصوصاً أن تكلفة الكيلووات المولدة من الطاقة الشمسية انخفضت تكلفتها خلال الثلاثين سنة الماضية من أكثر من دولار إلى قرابة 20 سنتاً ويتوقع أن ينخفض إلى أقل من 10 سنتات مع التقدم العملي الكبير بمجال هذه الصناعة خلال العامين القادمين.
كما أن تطوير مراكز الأبحاث لخدمة قطاعات تحلية المياه التي تحتاج المملكة توسيع إنتاجها نظراً لقلة المخزون بباطن الأرض وعدم وجود أنهار ومصادر مياه كبيرة سينعكس أيضاً على حجم الإنتاج والتكلفة بشكل إيجابي.. كما أن استثمار الأبحاث الزراعية التي ستخدمها هذه المدينة سيكون له انعكاس بتوفير منتجات غذائية بتكاليف أقل وزيادة بالحجم المنتج.. هذا بخلاف الجانب الطبي الذي سيوفر بيئة للتقدم العلمي بهذا المجال.. كما أن التوجه الذي سيفرض نفسه على الجامعات هو التوجه للعلوم بهذه المجالات.. مما يعني نقل المملكة إلى عصر الطاقة بكل أنواعها وتطوير الأبحاث وتحويل مخرجات التعليم تلقائياً بما يصب في جانب خدمة هذا التحول الذي بدوره سينعكس على مناحٍ عديدة في الاقتصاد المحلي
ويتحول العديد من الدول إلى الاستفادة من مصادر الطاقة ونقل ذلك على واقع الحياة العملية والمهنية والاقتصادية وتتطور التكنولوجيا بهذه المجالات بشكل مطرد.. بل وأصبحت دولاً كبرى تعتمد على بيع وتسويق معرفتها بهذه المجالات على العالم بما يحقق لها مكاسب كبيرة جداً.. وفي هذه الخطوة فإن الكثير من المعطيات ستتغير باقتصاد المملكة خصوصاً في جانب الاستفادة القصوى من الطاقة الهيدروكربونية بإطالة عمرها الزمني وكذلك زيادة المنتجات المشتقة من صناعاتها.. كما سيوفر طاقة تخدم التوسع ببناء المصانع والمنشآت.. مما ينعكس على الطاقة الاستيعابية للاقتصاد وجذب الاستثمارات وتوفير فرص العمل على نطاق واسع.