بريطانيا أو المملكة المتحدة واحدة من أعرق النظم الديمقراطية، بل العديد من المؤرخين السياسيين يعدونها (الأب الروحي) للديمقراطية الغربية، من خلال إنشائها أول نظام سياسي برلماني، فالاحتكام إلى البرلمان هو أساس النظام السياسي البريطاني.

تتخوف الأوساط السياسية والحزبية والبرلمانية من انهيار هذا النظام السياسي المعتمد على وجود حزب قوي يتحمل مسؤولية السلطة التنفيذية، وحزب معارض، يراقب أداء الحكومة ويقارعه في قاعة البرلمان، وقد يسقطه إذ ما خرج الحزب الحاكم عن (الأصول الديمقراطية).

هذا الوضع السياسي الذي جعل بريطانيا واحدة من الدول القليلة التي تمتعت باستقرار سياسي انعكس إيجابياً على مجمل أوضاعها الاقتصادية والعسكرية والاجتماعية، فكانت الإمبراطورية البريطانية التي لا تغيب الشمس عن ممتلكاتها، وقدمت بريطانيا للبشرية نتيجة ذلك الاستقرار عدداً كبيراً من العلماء والمفكرين في كل المجالات.

اليوم بريطانيا مهددة بفقدان هذا الاستقرار، إذ يتخوف المفكرون البريطانيون أن يؤدي ضعف الحزبين السياسيين الكبيرين، (المحافظون والعمال) وصعود حزب الأحرار إلى ضياع معادلة الحزبين (حزب في سلطة، وحزب معارض يراقب). فاستطلاعات آراء المواطنين البريطانيين لا تعطي أي تفوق لأي من الحزبين الكبيرين، أي تفوق حتى وإن كان طفيفاً يجعله يشكِّل الحكومة، كما أن صعود الحزب الثالث (حزب الأحرار) يهدد بوجود شريك ثالث، وهو ما سيؤدي إلى اضمحلال الأغلبية مما يفرض الاتجاه إلى تشكيل حكومة ضعيفة تتنازعها توجهات حزبين ليست بالضرورة متفقة، حتى وإن شكلت على تفاهمات، أو تفرز الانتخابات حزباً لديه تفوق بسيط في مقاعد النواب يجعل من أي حكومة يشكلها عرضة للسقوط في مواجهة قوية مع نواب الحزبين الآخرين، وهو ما سيوصل بريطانيا إلى الحالة التي تعيشها إيطاليا والتي أضعفت نظامها السياسي كثيراً بسبب ضعف أحزابها السياسية.